لعل من أعظم الأعمال التي يستوجب بها العبد محبة الله الصلاة على النبي صلَّى الله وهناك صلاة عددية وهي التي فيها عدد وأكبر كتاب فيها هو كتاب دلائل الخيرات للشيخ الجزولى وكان فحلاً من الفحول وسر اشتغاله بالصلاة على رسول الله كانت ( بنتا ) فقد كان عطشانا وذهب ليشرب من بئر في بلاد المغرب ولم يستطع أن يشرب لبعد الماء عن متناول يده وكان هذا البئر بجوار قصر وإذا بهذه البنت تطل من شرفة في القصر وتنظر إلى الماء
فيرتفع الماء حتى تشرب بشفتيها وليس بكوب أو غيره فنظر إليها مدهوشاً ومتعجباً وسألها كيف وصلت إلى ذلك؟ فقالت: بالصلاة على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فاشتغل الشيخ الجزولى من فوره بالصلاة على النبي ومن شدة اشتغاله بها جعل لنفسه ورد يومي وكل يوم غير اليوم الآخر وورد اسبوعي ثم سجلها في كتاب اسمه دلائل الخيرات وهذا الرجل ولشدة انشغاله بالصلاة على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بعد موته جاء لبعض أهله وطلب نقله إلى مكان آخر في مدينة فاس ببلاد المغرب وكان ذلك بعد موته بثلاثة وثمانين سنة فحفروا قبره فوجدوه على هيئته وحالته وكفنه كما هو وجسمه كما هو والعطر يفوح من هذا القبر فعلموا أن ذلك ببركة الصلاة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم واشتهرت دلائل الخيرات وأي عمل يشتهر يكون دليلاً على صدق صاحبه وإخلاصه فمثلاً المذاهب الفقهية كانت أكثر من ثلاثين مذهباً فلماذا اشتهرت المذاهب الأربعة لأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد؟ لصدقهم وإخلاصهم لله عزَّ وجلَّ وهكذا الأمر فقد اشتهرت دلائل الخيرات لإخلاص هذا الرجل وصدقه مع الله عزَّ وجلَّ ومع ذلك فإن دلائل الخيرات كمثال هي التي فيها : اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ذرات الرمال وقطرات البحار وأوراق الأشجار وكلها مبنية على العدد وهذه الصلاة العددية هل يعطينا الله ثوابها على حسب هذه الأعداد ؟ كلا بل يعطيك ثواب صلاة واحدة وكأنك صليت مرة واحدة على النبي وهذه تسمى الصلاة العددية لأنها مبنية كلها على العدد وقد جاءت نتيجة الفكر فقد أُخذ الرجل برسول الله وأراد أن يصلي عليه فأخذ يفكر ثم جاء بهذه الصيغ فمرة يذكر الأشجار وأخرى يذكر البحار وثالثة يذكر الأطيار وهكذا هذه صلوات عددية ما اسمها؟...."دلائل الخيرات".. أي تدل على الخيرات وهناك صلاة يلهمك بها الله إن وهى لا تدل على الخير فقط ولكن تعطيك الخيرات على الفور وتنال بها الخير ولذلك اسمها "نيل الخيرات" ونال يعني حصل أو أخذ مثلاً فلان نال جائزة الدولة التقديرية يعني أخذها وهناك صلاة يمد بها سيدنا رسول الله الصالحين مناماً فقد كان يمد كل رجل من الصالحين فمنهم من يمده بصيغة ومنهم من يمده بصيغتين ومنهم من يمده بأكثر وكلها نفحات ولذلك تجد أن كل واحد من الصالحين له صيغة مشهورة وقد جمع هذه الصيغ في عصرنا رجل من الصالحين هو الشيخ يوسف النبهاني وهذا الرجل معاصر في القرن العشرين وكان قاضي محكمة في بيروت وقد وظفه الله في جمع هذه الصلوات في كتاب كبير حوالي سبعمائة صفحة اسمه سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين وقد أتى في هذا الكتاب بكل الصيغ الواردة عن الصالحين من أول سيدنا الإمام علي حتى يومنا هذا وكان الصالحون يقرءونها صباحاً ومساء مع بعض الآيات القرآنية والأذكار وصلوات الصالحين صلوات بها روح لأنها إلهام من سيدنا رسول الله ونستطيع أن نسميها صلوات إلهامية لأن سيدنا رسول الله هو الذي ألهمهم بها مناما ورؤية رسول الله لها حالتان فهي إما رؤية لتفريج الكروب أو الأخذ بيد الإنسان من الذنوب والعيوب أو تبشيره بخير وهذه تكون بالصورة المحمدية الموصوفة في كتب الحديث كما وصفها الإمام علي كرم الله وجهه وكما وصفها سيدنا أبو هريرة وكما وصفها هند بن أبي هالة خال سيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضي الله عنهما وهي الصورة الحسية فما جلس مع قوم إلا كان أعلاهم مهما كان طولهم وما مشى مع قوم إلا وكان أطولهم مهما كان طولهم وإذا مشى يمشي كهيئته وعادته وهم يجرون خلفه ولا يستطيعون اللحاق به فكأنما الأرض تطوى له والروايات كثيرة وهذه مجملها وسيدنا أنس قال فيه : ما رؤي النبى مع شمس ولا قمر ولا مصباح إلا وكان نوره أزهى من نور الشمس وأضوء من نور القمر ، وأجمل من نور المصباح وقال سيدنا حسان في ذلك:
لما نظرت إلى أنواره سطعت وضعت من خيفتي كفي على بصري
خاف أن يحرقه نور رسول الله فعندما رآه وضع يده على بصره ..
خوفاً على بصري من حسن صورته فلست أنظره إلا على قدري
الأنوار من نوره في نوره غرقت والوجه مثل طلوع الشمس والقمر
روح من النور في جسم من القمر كحلة نسجت في الأنجم الزهر
فحتى هذه الصورة الآدمية لم تكن صورة عادية ولكنها نور كما وصفه سيدنا حسان لكن أهل الشهود وأهل الإكرام الأعلى والمقام الأسنى والنور الأبهى من الأنبياء شاهدوا الصورة الأحمدية: ولذلك فإن سيدنا عيسى رأى الصورة الأحمدية ولم يرى المحمدية [وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ] وهذا هو ما رآه لأن الصورة المحمدية لم تكن قد جاءت بعد – فقد رأى سيدنا عيسى الصورة الأحمدية التي هي جمال الملكوت وكمال العظموت ونور الرحموت وسناء الحي الذي لا يموت ، وفي هذا المعنى يقول أحد الصالحين :
من خمر نـور جمالك و من رحيق وصالك
شربت صرفاً فهمت وهام أهل كمالك
فأصبح القلب نـوراً والقلب قد كان حالك
ومبشري قـال هيـا قم فالحمى لك سالك
فسرت و هو إمامـي حتى وصلت هنالك
ناديت ياليت قومـي قـد يعلمون بذلك
من خمر نور جمالك وانتبهوا للألفاظ فنور جماله خمر وإذا كان جمال يوسف جعل السيدات يقطعن أيديهن بالسكاكين وأين جمال يوسف بالنسبة لجمال سيدنا رسول الله؟ قال صلَّى الله عليه وسلَّم «أُعْطِيَ يُوسُفُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ شَطْرَ الحُسْنِ»[1] أعطي يوسف شطر الحسن أى نصف الحسن حسن من؟ حسن رسول الله لأنه أخذ الحسن الظاهر لكن الحسن الباطن شيء آخر وهو لرسول الله .
من خمر نـور جمالك و من رحيق وصالك
شربت صرفاً فهمت وهام أهل كمالك
عندما رأى هذا النور وهذا الجمال .. ما الذي حدث؟
ومبشري قـال هيـا قم فالحمى لك سالك
فالطريق أصبح مفتوح ...
فسرت و هو إمامـي حتى وصلت هنالك
إذاً من يقود الإنسان في غياهب الغيب ؟ وفي غيب الغيب ؟ وفي نور الأنوار ؟ وفي عالم الأسرار؟ ليس إلا الحبيب المختار وما الذي يطيب القلب يا إخواني ويجعله صالحاً للقاء الله ؟ لا توجد إلا أنوار حبيب الله ومصطفاه فنحن الآن بالليل مثلاً وإذا مشينا بطريق ليس به كهرباء هل نرى أي شيء؟ ما الذي يضيء الدنيا كلها؟ هي الشمس كذلك ما الذي ينور القلوب؟ شمس الحبيب المحبوب صلَّى الله عليه وسلَّم ومن يمشي في عالم الغيوب لا يمشي بجسمه ولكن يمشي بقلبه وبروحه وبسره فيرى نور رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأنه نور الروحانيات والمعنويات والحقائق العالية والدانية صلوات ربي وتسليماته عليه فلا بد للإنسان أن يعرف الصورة المعنوية ويلطف عواطفه القلبية ويرقق حواشيه النورانية ويرقي أسراره الروحانية لكي يتابع رسول الله في هذه المقامات العالية التي يقربه فيها مولاه جل في علاه فعندما يصلي على رسول الله وهو في هذه الحالة ... لا يصلي باللسان فقط فالقلب يذكر والجميل أمامي ...ليس اللسان إذاً فالقلب هو الذي يذكر أيضاً
ولذلك عندما تصلي عليه : إياك أن تقرأ بلسانك فقط، ماذا تفعل إذاً؟
صلي صلاة اتصال تحظى بالحسنى استغرق الوقت في كشف بلا ميل
صلي صلاة الاتصال ... وكأنك تكلم رسول الله فمرة تقول له:عشقتك كشفاً لا سماع رواية أي عشقتك كما رأيتك وليس عن السماع عن فلان وفلان ولكنه كشف فمن يريد أن يكون من أهل الوصول ومن أهل المقامات العالية ومن أهل المنازل الراقية يحتاج أن يعرف شيئاً عن معنى رسول الله وهذا هو سر هذه الصلوات عليه فعليكم بها واستمسكوا بها تفوزوا بما فيها من الأنوار العالية والمقامات الراقية، والأمر كما يقول سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيما روته السيدة عائشة لرضى الله عنها{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ الله لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى الله مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ}[2]ثم قالت عائشة { وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ إِذَا عَمِلُوا عَمَلاً أَثْبَتُوهُ}والإمام الغزالى رضى الله عنه وأرضاه في كتابه إحياء علوم الدين ضرب مثلاً لطيفاً وقال : "لو صخرة من الصخر الصلب تنزل عليها المياه قطرة قطرة بصفة دائمة ومستمرة فلا بد أن هذه المياه في يوم من الأيام ستفتت هذه الصخرة لكن لو جئت بوعاء مملوء بالماء وأفرغته مرة واحدة على هذه الصخرة ماذا يصنع فيها؟"وهكذا الأمر في الطاعات فمن يقبل على العبادة لحظة أو شهر ثم يتركها لا يتقدم لأن القلب مثل هذه الصخرة فالعمل الرافع يتطلب المداومة فلو داومت على الصلاة على حبيب الله ومصطفاه فإن الله سيرقق القلب والفؤاد ويجعله مجهزاً ومؤهلاً لنور حبيب الله ومصطفاه.
بنور الله فاعتصموا ولا تميلوا إلى الأهواء ميلة مارق
ولو أن القلب نزلت فيه قطرة واحدة من نور الحبيب فإنها تكفيه وتغنيه:
فنقطة نور منه تحيى قلوبنا فكيف إذا ما كنت بحراً وأنجماً
نقطة واحدة تكفي فما بالكم بالبحر الذي ليس له نهاية
[1] عن أنس بن مالك ، مسند الإمام أحمد
[2] صحبح مسلم عن عائشة رضى الله عنها .
نقلت المشاركات من كتاب :كيف يحبك الله
فيرتفع الماء حتى تشرب بشفتيها وليس بكوب أو غيره فنظر إليها مدهوشاً ومتعجباً وسألها كيف وصلت إلى ذلك؟ فقالت: بالصلاة على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فاشتغل الشيخ الجزولى من فوره بالصلاة على النبي ومن شدة اشتغاله بها جعل لنفسه ورد يومي وكل يوم غير اليوم الآخر وورد اسبوعي ثم سجلها في كتاب اسمه دلائل الخيرات وهذا الرجل ولشدة انشغاله بالصلاة على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بعد موته جاء لبعض أهله وطلب نقله إلى مكان آخر في مدينة فاس ببلاد المغرب وكان ذلك بعد موته بثلاثة وثمانين سنة فحفروا قبره فوجدوه على هيئته وحالته وكفنه كما هو وجسمه كما هو والعطر يفوح من هذا القبر فعلموا أن ذلك ببركة الصلاة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم واشتهرت دلائل الخيرات وأي عمل يشتهر يكون دليلاً على صدق صاحبه وإخلاصه فمثلاً المذاهب الفقهية كانت أكثر من ثلاثين مذهباً فلماذا اشتهرت المذاهب الأربعة لأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد؟ لصدقهم وإخلاصهم لله عزَّ وجلَّ وهكذا الأمر فقد اشتهرت دلائل الخيرات لإخلاص هذا الرجل وصدقه مع الله عزَّ وجلَّ ومع ذلك فإن دلائل الخيرات كمثال هي التي فيها : اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ذرات الرمال وقطرات البحار وأوراق الأشجار وكلها مبنية على العدد وهذه الصلاة العددية هل يعطينا الله ثوابها على حسب هذه الأعداد ؟ كلا بل يعطيك ثواب صلاة واحدة وكأنك صليت مرة واحدة على النبي وهذه تسمى الصلاة العددية لأنها مبنية كلها على العدد وقد جاءت نتيجة الفكر فقد أُخذ الرجل برسول الله وأراد أن يصلي عليه فأخذ يفكر ثم جاء بهذه الصيغ فمرة يذكر الأشجار وأخرى يذكر البحار وثالثة يذكر الأطيار وهكذا هذه صلوات عددية ما اسمها؟...."دلائل الخيرات".. أي تدل على الخيرات وهناك صلاة يلهمك بها الله إن وهى لا تدل على الخير فقط ولكن تعطيك الخيرات على الفور وتنال بها الخير ولذلك اسمها "نيل الخيرات" ونال يعني حصل أو أخذ مثلاً فلان نال جائزة الدولة التقديرية يعني أخذها وهناك صلاة يمد بها سيدنا رسول الله الصالحين مناماً فقد كان يمد كل رجل من الصالحين فمنهم من يمده بصيغة ومنهم من يمده بصيغتين ومنهم من يمده بأكثر وكلها نفحات ولذلك تجد أن كل واحد من الصالحين له صيغة مشهورة وقد جمع هذه الصيغ في عصرنا رجل من الصالحين هو الشيخ يوسف النبهاني وهذا الرجل معاصر في القرن العشرين وكان قاضي محكمة في بيروت وقد وظفه الله في جمع هذه الصلوات في كتاب كبير حوالي سبعمائة صفحة اسمه سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين وقد أتى في هذا الكتاب بكل الصيغ الواردة عن الصالحين من أول سيدنا الإمام علي حتى يومنا هذا وكان الصالحون يقرءونها صباحاً ومساء مع بعض الآيات القرآنية والأذكار وصلوات الصالحين صلوات بها روح لأنها إلهام من سيدنا رسول الله ونستطيع أن نسميها صلوات إلهامية لأن سيدنا رسول الله هو الذي ألهمهم بها مناما ورؤية رسول الله لها حالتان فهي إما رؤية لتفريج الكروب أو الأخذ بيد الإنسان من الذنوب والعيوب أو تبشيره بخير وهذه تكون بالصورة المحمدية الموصوفة في كتب الحديث كما وصفها الإمام علي كرم الله وجهه وكما وصفها سيدنا أبو هريرة وكما وصفها هند بن أبي هالة خال سيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضي الله عنهما وهي الصورة الحسية فما جلس مع قوم إلا كان أعلاهم مهما كان طولهم وما مشى مع قوم إلا وكان أطولهم مهما كان طولهم وإذا مشى يمشي كهيئته وعادته وهم يجرون خلفه ولا يستطيعون اللحاق به فكأنما الأرض تطوى له والروايات كثيرة وهذه مجملها وسيدنا أنس قال فيه : ما رؤي النبى مع شمس ولا قمر ولا مصباح إلا وكان نوره أزهى من نور الشمس وأضوء من نور القمر ، وأجمل من نور المصباح وقال سيدنا حسان في ذلك:
لما نظرت إلى أنواره سطعت وضعت من خيفتي كفي على بصري
خاف أن يحرقه نور رسول الله فعندما رآه وضع يده على بصره ..
خوفاً على بصري من حسن صورته فلست أنظره إلا على قدري
الأنوار من نوره في نوره غرقت والوجه مثل طلوع الشمس والقمر
روح من النور في جسم من القمر كحلة نسجت في الأنجم الزهر
فحتى هذه الصورة الآدمية لم تكن صورة عادية ولكنها نور كما وصفه سيدنا حسان لكن أهل الشهود وأهل الإكرام الأعلى والمقام الأسنى والنور الأبهى من الأنبياء شاهدوا الصورة الأحمدية: ولذلك فإن سيدنا عيسى رأى الصورة الأحمدية ولم يرى المحمدية [وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ] وهذا هو ما رآه لأن الصورة المحمدية لم تكن قد جاءت بعد – فقد رأى سيدنا عيسى الصورة الأحمدية التي هي جمال الملكوت وكمال العظموت ونور الرحموت وسناء الحي الذي لا يموت ، وفي هذا المعنى يقول أحد الصالحين :
من خمر نـور جمالك و من رحيق وصالك
شربت صرفاً فهمت وهام أهل كمالك
فأصبح القلب نـوراً والقلب قد كان حالك
ومبشري قـال هيـا قم فالحمى لك سالك
فسرت و هو إمامـي حتى وصلت هنالك
ناديت ياليت قومـي قـد يعلمون بذلك
من خمر نور جمالك وانتبهوا للألفاظ فنور جماله خمر وإذا كان جمال يوسف جعل السيدات يقطعن أيديهن بالسكاكين وأين جمال يوسف بالنسبة لجمال سيدنا رسول الله؟ قال صلَّى الله عليه وسلَّم «أُعْطِيَ يُوسُفُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ شَطْرَ الحُسْنِ»[1] أعطي يوسف شطر الحسن أى نصف الحسن حسن من؟ حسن رسول الله لأنه أخذ الحسن الظاهر لكن الحسن الباطن شيء آخر وهو لرسول الله .
من خمر نـور جمالك و من رحيق وصالك
شربت صرفاً فهمت وهام أهل كمالك
عندما رأى هذا النور وهذا الجمال .. ما الذي حدث؟
ومبشري قـال هيـا قم فالحمى لك سالك
فالطريق أصبح مفتوح ...
فسرت و هو إمامـي حتى وصلت هنالك
إذاً من يقود الإنسان في غياهب الغيب ؟ وفي غيب الغيب ؟ وفي نور الأنوار ؟ وفي عالم الأسرار؟ ليس إلا الحبيب المختار وما الذي يطيب القلب يا إخواني ويجعله صالحاً للقاء الله ؟ لا توجد إلا أنوار حبيب الله ومصطفاه فنحن الآن بالليل مثلاً وإذا مشينا بطريق ليس به كهرباء هل نرى أي شيء؟ ما الذي يضيء الدنيا كلها؟ هي الشمس كذلك ما الذي ينور القلوب؟ شمس الحبيب المحبوب صلَّى الله عليه وسلَّم ومن يمشي في عالم الغيوب لا يمشي بجسمه ولكن يمشي بقلبه وبروحه وبسره فيرى نور رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأنه نور الروحانيات والمعنويات والحقائق العالية والدانية صلوات ربي وتسليماته عليه فلا بد للإنسان أن يعرف الصورة المعنوية ويلطف عواطفه القلبية ويرقق حواشيه النورانية ويرقي أسراره الروحانية لكي يتابع رسول الله في هذه المقامات العالية التي يقربه فيها مولاه جل في علاه فعندما يصلي على رسول الله وهو في هذه الحالة ... لا يصلي باللسان فقط فالقلب يذكر والجميل أمامي ...ليس اللسان إذاً فالقلب هو الذي يذكر أيضاً
ولذلك عندما تصلي عليه : إياك أن تقرأ بلسانك فقط، ماذا تفعل إذاً؟
صلي صلاة اتصال تحظى بالحسنى استغرق الوقت في كشف بلا ميل
صلي صلاة الاتصال ... وكأنك تكلم رسول الله فمرة تقول له:عشقتك كشفاً لا سماع رواية أي عشقتك كما رأيتك وليس عن السماع عن فلان وفلان ولكنه كشف فمن يريد أن يكون من أهل الوصول ومن أهل المقامات العالية ومن أهل المنازل الراقية يحتاج أن يعرف شيئاً عن معنى رسول الله وهذا هو سر هذه الصلوات عليه فعليكم بها واستمسكوا بها تفوزوا بما فيها من الأنوار العالية والمقامات الراقية، والأمر كما يقول سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيما روته السيدة عائشة لرضى الله عنها{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ الله لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى الله مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ}[2]ثم قالت عائشة { وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ إِذَا عَمِلُوا عَمَلاً أَثْبَتُوهُ}والإمام الغزالى رضى الله عنه وأرضاه في كتابه إحياء علوم الدين ضرب مثلاً لطيفاً وقال : "لو صخرة من الصخر الصلب تنزل عليها المياه قطرة قطرة بصفة دائمة ومستمرة فلا بد أن هذه المياه في يوم من الأيام ستفتت هذه الصخرة لكن لو جئت بوعاء مملوء بالماء وأفرغته مرة واحدة على هذه الصخرة ماذا يصنع فيها؟"وهكذا الأمر في الطاعات فمن يقبل على العبادة لحظة أو شهر ثم يتركها لا يتقدم لأن القلب مثل هذه الصخرة فالعمل الرافع يتطلب المداومة فلو داومت على الصلاة على حبيب الله ومصطفاه فإن الله سيرقق القلب والفؤاد ويجعله مجهزاً ومؤهلاً لنور حبيب الله ومصطفاه.
بنور الله فاعتصموا ولا تميلوا إلى الأهواء ميلة مارق
ولو أن القلب نزلت فيه قطرة واحدة من نور الحبيب فإنها تكفيه وتغنيه:
فنقطة نور منه تحيى قلوبنا فكيف إذا ما كنت بحراً وأنجماً
نقطة واحدة تكفي فما بالكم بالبحر الذي ليس له نهاية
[1] عن أنس بن مالك ، مسند الإمام أحمد
[2] صحبح مسلم عن عائشة رضى الله عنها .
نقلت المشاركات من كتاب :كيف يحبك الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق