قال ابن القيم في كتابه (زاد المعاد في هدى خير العباد) :
{ كل داء له دواء ، وأنا أحسنت المداواة بالفاتحة ، فوجدت لها تأثيراًً عجيباً في الشفاء ،
وذلك أني مكثت بمكة مدة يعتريني أدواء لا أجد لها طبيباً ولا مداوياً ، فقلت :
يا نفسي دعيني دعيني أعالج نفسي بالفاتحة ؛ ففعلت ؛
فرأيت لها تأثيراً عجيباً ، وكنت أصف ذلك لمن اشتكى ألماً شديداً ،
فكان كثيراً منهم يبرأون سريعاً ببركة الفاتحة.
ثم قال :وقد يتخلف الشفاء لضعف همَّة الفاعل، أو لعدم قبول المحل أن يتداوى بكتابة الفاتحة ،أو أن يتداوى بقراءة الفاتحة، فكذلك يتخلَّف الشفاء لضعف همِّة القارئ أو لتغيير القارئ في المخرج والصفات، أو لعدم قبول المحل، وإلاَّ فالآياتُ والأدعيةُ في نفسها
نافعة شافية}
وهكذا ، فإن فاتحة الكتاب تبرئ الأسقام ، والآلام ، وتعجِّل العافية في حينها.
وقد ورد في ذلك عن عبد الملك بن عُمير مُرْسَـلاً فيما رواه البيهقى:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
{فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُل دَاءٍ} قال المناوي
{أى شفاءاً من : داء الجهل ، والمعاصي ، والأمراض الظاهرة ، والباطنة ،
وأنها كذلك لمن تدبَّــر ، وتفكَّـــر ، وجــــرَّب ، وقــــوى يقينه}
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
{فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنَ السَّم} (رواه بن منصور والبيهقي )
وأخرج الخلعي عن جابر رضي الله عنه :
{فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُل شئ إلا السَّام (الموت)}
والرقية بالفاتحة ثابتة بما فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ومنه عن أَبِي سَعِيد الخدرى رضي الله عنه قال:
{بَعَثنَا رَسُولُ الله في سَرِيَّةٍ ، فَنَزَلنَا بِقَوْمٍ فَسَأَلنَاهُمْ القِرَى فلم يَقْرُونَا ، فَلُدِغَ سَيِّدُهُم فَأَتَوْنَافقالُوا: هَلْ فِيكُم مَنْ يَرْقِي مِنَ العَقْرَبِ؟ قُلْتُ : نَعَم أَنَا ، وَلَكِنْ لاَ أَرْقِيِه حتى تُعْطُونَا غَنَماً ،قالُوا: فَإِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلاَثِينَ شَاةً ؛ فَقَبِلْنَا ، فَقَرَأْتُ عَلَيِه الْحَمْدَ لله سَبْعَ مَرَّاتٍ ،
فَبَرأَ وقَبَضْنَا الغَنَم
قَالَ: فَعَرَضَ في أَنْفُسِنَا مِنْهَا شَيْءٌ ، فَقُلْنَا لاَ تَعْجَلُوا حتى تَأْتُوا رَسُولَ الله ،
قالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِ ، ذَكَرْتُ لَهُ الذي صَنَعْتُ ، قالَ
(وَمَا عَلِمْتَ أَنَّهَا رُقَيْةٌ؟ اقْبِضُوا الغَنَمَ وَاضْرِبُوا لي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ)}[1]
وقد قال الشيخ البوني رحمه الله في (شمس المعارف) :
{وفقني الله وإياكم ، فإن فاتحة الكتاب لها خواصٌ عجيبة ،
ومن خواصها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيما رواه البزَّار عن أنس)
{أنَّ مَنْ قرَأها عندَ وضعِ جَنبهِ على الفِراش، وَقَرأ معها " قُلْ هو اللهُ أحدٌ" ثلاثاً والمُعَوِّذَتَين
فقد أمِنَ مِنْ كُلِّ شئ إلا المُوت}
كما أخرج الطبراني عن الســائب بن يزرد قوله
{عوَّذَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب تَفْلا}
وقد نقل صاحب ( خزينة الأسرار )
عن الشيخ محيي الدين بن العربي قدَّس اللهُ سِرَّهُ:
{من كان له حاجةٌ ؛ فليقرأ الفاتحة أربعين مرةً بعد صلاة المغرب
عند الفراغ من الفرض والسنَّة،
ولا يقوم من مكانه حتى يفرغ من قراءة الفاتحة، وبعده يسأل مراده ؛
فإن الله تعالى يقضيه لا محالة، وقد جُرِِّبَ فوجدناه نافعاً،
ثم يقرأ هذا الدعاء بعد الفراغ من قراءة الفاتحة:
إلهي علمك كاف عن السؤال، اكفني بحقِّ الفاتحة سؤالاً، وكرمُك كاف عن المقال،
أكرمني بحق الفاتحة مقالاً، وحصِّل ما في ضميري}
وقال الشيخ البوني في كتابه (شمس المعارف) :
{قال العلماء العارفون بالله تعالى:
في الفاتحة الشريفة ألف خاصية ظاهرة ، وألف خاصية باطنة ،
ومن داوم على قراءتها ليلاً ونهاراً ؛ زال عنه الكسل ، والفشل ،
وطهَّر الله تعالى باطنه، وظاهره من جميع الآفات النفسانيَّة، والإرادات الشيطانيَّة،
وألهمه الله تعالى العلم اللدنِّي ، ظاهراً ، وباطناً ، ويكون القارئ على استقامة تامة }
وقد روى صاحب تفسير " روح البيان " ،
والحنفي في ( الفتاوي الصوفية ) عن الحكيم الترمذي
{من داوم على قراءة الفاتحة مع البسملة بين سنَّة الصبح وفرضه إحدى وأربعين مرة،
لم يطلب منزلة إلا وجدها، إن كان فقيراً أغناه الله، وإن كان مديوناً قضى عنه الدين،
وإن كان مريضاً شفاه الله سريعاً، وإن كان ضعيفاً قوى،
وإن كان غريباً عزّ وشرف بين الناس، ويرزقه ولداً صالحاً لو كان عقيماً،
قال :
ومن يقرأ هذا الترتيب على وجع ومرض بنيَّة خالصة، شفاه الله تعالى.
فهي واقية لمن قرأها عن جميع الآفات والأمراض،
وقد أخرج الديلمي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم:{فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرؤهما عبد في داره فتُصيبُه ذلك اليوم عينُ إنْسٍٍ ولا جِنٍّ}
{1}
رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم
منقول من كتاب {مفاتح الفرج}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
شاهد الفيديو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق