نريد أن نتلمس عبرة وعظة لنا أجمعين من هجرة سيد الأنبياء والمرسلين فإن الله كان قادراً على أن يأخذ حبيبه ومصطفاه فى طرفة عين أو أقل من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لا يمشى على أرض ولا يركب مركوباً من عالم الأرض ولا ينازعه ولا يعارضه بشر كان قادراً على أن يتمم ذلك كله فى طرفة عين أو أقل فلِمَ جعله الله يروعه القوم وهو فى بيته؟ثم يبحثون عنه بعد خروجه من بيته ويختبأ منهم فى الغار لمدة ثلاثة أيام ثم يمشى بعد ذلك فى طريق لا يسلكه سائر الأنام تعمية عليهم ويدخل المدينة بعد سفر لمدة أسبوع لِمَ كان ذلك؟ لأن الله ضرب لنا المثل والأسوة والقدوة جميعاً بالحبيب وقال لنا فى شأنه صلوات ربى وتسليماته عليه:
مرآتى التى أتطلع فيك وأرى مابداخلك فيها هى الوجه، ساعة ما يرى الإنسان وجهًا يرى أخاه الذى بداخله، يرى كل حاجه داخله، فيعرف ما فى سرِّه، ويعرف ما فى خاطره، إذا كان من أهل الايمان حقاً، قال صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) (رواه الطبراني وابن عدي والخطيب وأبو نعيم عن أبي أمامة رضي الله عنه. وروى الطبراني وابن جرير الطبري عن أنس رضي الله عنه بلفظ : " إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم "). وحتى لو كان هناك من يعرف أحداً إن كان غضبان أو فرحان أليس يظهر هذا على الوجه فوراً!! هموم أو سعاده تكون باينة أى ظاهرة، تظهر على مرآتك التى هى الوجه!! ولكن أين وجه الله؟!! القلب .. ولذلك المؤمن يقف على باب القلب حارساً عنيداً، مثل خزنة جهنم، لا يسمح لرغبة دنيوية أو لشهوة نفسية أن تدخل فى القلب، حتى لا تظهر مساويه ولا مخازيه، يريد أن تكون هذه المرآة نظيفة دائماً، لامعة ساطعة. فكيف تكون لامعة؟
فتح رسول الله r الهجرة لأصحابه المباركين، وكان يعلم علم اليقين أنه لابد له من الهجرة، لأنه ما من نبى إلا وهاجر، ولما نزل عليه الوحى أخذته السيدة البارة السيدة خديجة رضى الله عنها إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان من أهل الكتاب يتعبد على دين المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، وقرأ الكتب السماوية التوراة والإنجيل، فقال له: احك لى يا ابن أخى ما رأيت؟ فحكى له ما صار ... سيدنا رسول الله لما جاءه الوحى لأول مرة ارتجف وارتعد وارتعش لأن سيدنا جبريل احتضنه ثلاث مرات، وهذا الإحتضان كان للشوق لأن سيدنا جبريل كان مشتاقاً إلى حضرته فلما رآه عبَّر عن شوقه باحتضانه صلوات ربى وسلامه عليه، ثم أخذ rيجرى من غار حراء إلى منزله فى مكة، حتى ذهب للسيدة خديجة وقائلاً زملونى زملونى دثرونى دثرونى - فحكى له هذا.
في هذه الأيام نحتفي ونفرح بذكرى ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نستطيع في هذا الوقت أن نُبيِّن الجوانب التي أضاء بها حياتنا ورفع بها شأن مجتمعاتنا، ورَقَّى بها كل أحوال البشرية جمعاء، ولكننا وإخواننا في البشرية أجمعين يحق لنا أن نتباهى ونفتخر في هذا الوقت بهذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه. لقد كان مَنْ قبله من أهل الديانات السماوية، أو المذاهب الإنسانية يُجْبرون اتباع الديانات على ترك العادات الاجتماعية الكريمة والاقبال على العبادات، والتشدُّد في مجال هذه المجاهدات، وكلما تشدَّد الإنسان في الجهاد في العبادة، وبَعُد عن مُتع الدنيا وطيباتها كانت له المنزلة العظيمة في هذه الديانات وهذه المسائل، حتى جاء النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فلم يجعل عبادتنا لله في صوامع، أو أماكن بعيدة عن المدينة ... ولم يدعُنا إلى الانسلاخ من الحياة البشرية .
🌹 💧 فهذه أبرز أعمالهم، وكان النبي يتفقدهم، فقد ورد عن أبى سعيد الخدرىر رضي الله عنه فى الحديث : 🌹 { كنت في عصابة ( جماعة ) فيها ضعفاء المهاجرين، 💧وإن بعضهم ليستتر ببعض من العري وقارئ يقرأ علينا ونحن نستمع كتاب الله عز وجل، 💧 فجاء النبي صلي الله عليه وسلم حتى قام علينا فلما رآه القارئ سكت، قال فسلم ثم قال: 🌹 ما كنتم تصنعون؟ 💧قلنا يا رسول الله كان قارئ يقرأ علينا وكنا نستمع إلى قراءته 💧