الرَّوح والريحان فى القبر
يزعمون أن فى القبر وحشة ويجلس فيه الإنسان فى غربة وحزن هذا الكلام لغير المؤمن لأن المؤمن يقول فيه ربنا{وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً }الانشقاق9 أين يذهب ؟ يذهب لأهله فالرجل المسافر فى الخارج وسيصبح راجعا إلى أهله وزوجه يكون سعيداً أم حزينا يا أخوانى ؟إذاً من الذي سيحزن ؟ من قيل فيه{إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً }الانشقاق13لأنه يخرج وحيدا طريداً ليس له أهل لأن أهله كانوا فى الدنيا – لكن المؤمن أهله هناك ينتظرونه قال تعالى فى [ 29 الفتح]:{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}ويؤنسه العمل الصالح أول ما يجلس وأول ما يضعونه فى القبر وصفه رسول الله فقد قال فى بقية حديثه الذى ذكرنا:{ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثيَابِ طَيبُ الرَّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكِ هذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِفَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ رَب أَقِمِ السَّاعَةَ رَب أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي}وهذا الكلام للمؤمن الأقل منزلة أما المؤمنون الأعلى منزلة فيأتنسون برسول الله لأن هناك مجالس ولكن ليس فيها تكليف وإنما العبادة تلذذ وتفكُّه لحضره الله ويكون معه أهله وأصحابه وأحبابه يذهب إليهم ويأتون إليه ويزورهم ويزورنه إلى ما يشاء الله ومعه حرية حركة لا يحبس فى قبره كما يظن الناس قال عليه أفضل الصلاة وأتم السلام { إنَّ أرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ في طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ أو شَجَرِ الْجَنَّةِ } عن ابنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ عن أبيهِ سنن الترمذي)
وفى الحديث الآخر عنه { ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ فَيَقُولُ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيَقُولانِ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ}عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رواه الترمذي و صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة "
إذاً من المحبوس؟هو الذى عليه حكم فسؤال القبر يا إخواني كسؤال النيابة، فإذا كان الرجل ليس عليه شئ يأخذ إفراج أما إذا كان عليه وزر وعليه جرائم ومصائب فيأخذ حبس واستمرار إلى يوم المحكمة يوم الخلاص
لكن المؤمن ما له وهذا لا شأن له به.[وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ{90} فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ{91} [الواقعة] وربما يقول البعض فى ضمة القبر أن ضمته تعمل كذا فبين الصالحون وأشاروا إلى أن الضمة التى تختلف منها الأضلاع وفيها إيذاء تكون لغير المؤمن أما ضمة القبر للمؤمن فهى ضمة ترحيب مثل الذى يسلم على أخيه وهو آت من سفر بعيد، يضمه ويرحب به ويهنئه بسلامة الوصول ضمة لا تعب فيها ولا عناء ولا أى شئ وأما ما روى عن سعد أنه ضم في قبره ضمة فعلت به كذا وكذا، وأنه لو عوفى أحد منها لعوفي منها سعد فقد حقق الكثير أنه لا يحتج بها، بل وأورد أهل الحديث بعض رواياتها فى الموضوعات (موضوعات إبن الجوزى رقم 3/544)
وأما الروايات المحققة فى أمر القبر وشأنه المؤمن فيه فمنها قوله النبى {فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع و لا مشغوف ثم يقال له: فيم كنت فيقول كنت في الإسلام، فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول : محمد رسول الله جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه،فيقال له : هل رأيت الله ؟ فيقول ما ينبغي لأحد أن يرى الله ، فيفرج له فرجه قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا ، فيقال له : انظر إلى ما وقاك الله تعالى، ثم يفرج له فرجه قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له: هذا مقعدك ويقال له على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله } الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع.
وأيضاً: { قال : فينادي مناد من السماء أن صدق عبد فافرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا من الجنة ، فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره } البراء بن عازب ، المحدث البيهقى ، المصدر شعب الإيمان
وهذا حال الهناء والسعادة والشر والسرور لأهل الإيمان فى قبورهم.http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175