لحظات صدق غاليات تلك التي يجد فيها المرء قلبه قريبا منه , يحادثه , ويحاسبه, ويعاتبه ,لكم هي لحظات عتاب
القلب لحظات غالية ونادرة , تلك التي يخلع فيها المرء كل الأقنعة ويقف أمام مرآة قلبه الحقيقية التي لا تكذب…
لكم وددت أن أهمس في قلوب كل الذين أحببتهم والذين صادقتهم والذين آخيتهم , أهمس في قلوبهم بأنني أحبهم , وبأن الحب العميق الذي جمعني بهم في لحظات إلهية شفافة , سيظل قويا عبر كل الأيام …
إننا عندما نحب في الله يجب أن نفهم أن ذاك الحب من نوع خاص , نوع رقراق سرمدي عذب , لا تحتويه المواقف , ولا تنال منه الأحزان , إنه نوع من الحب تتخاطب فيه القلوب كخطاب الطير , لا تنازع بينها , ولا منافع , وإنما رضا وتغافر وبذل وتضحية وإيثار ..
لقد تدبرت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تحث على سلامة الصدر للمسلمين , وعلمت كيف أن تلك الصفة - على قدر أهميتها العظمى لنقاء المجتمع وطهارته - ليست في متناول كل أحد , إلا الذين مّن الله عليهم بقلب نظيف , وبنفس متجردة طاهرة , ومنح أعينهم قطرات دمع نقية كقطرات الوضوء التي تساقطت من أعضاء ذاك الرجل الصالح الذي دخل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم ( يدخل عليكم رجل من أهل الجنة ) ..
إن مجتمعنا هذا لفي أمس الحاجة إلى آلاف وآلاف من أمثال ذلك الرجل الصالح الذي لا يحمل في قلبه بغضاء ولا شحناء ولا حقدا ولا حسدا لأحد ولا رغبة في العلو على أحد ولا حرصا على إسقاط أحد ولا أمنية في إيلام أحد….
لكم وددت أن تكون قلوب الدعاة إلى الله متحابة نقية , متلاقية على معنى علوي رفيع نقي , فلا ثمّ رغبة في شهرة , ولا في علو على الآخر , ولكن رضا في أن يُجري الله الحق على لسانه مهما كان مختلفا معه .. ولا ثمّ سعيا إلى انتصار في خلاف زائف , ولا ظهورا جماعيا مغيظا , بل العودة إلى ميزان الحسنات والسيئات , فحيثما تكون مراقبة الرب سبحانه تكون الطاعة ..
إننا أيها المحبون نعيش في أيام متتاليات متصارعات منكفئات تسلم بعضها بعضا ويسلمنا كل يوم فيها إلى الآخر كطرفة عين , حتى نستلم جميعا لحظة الكفن , ولا يدري أحدنا موعد تلك اللحظة , ولكننا جميعا نوقن أنها ولا شك قريبة جدا , وعند لقاء الكفن تسقط الأقنعة ولا يبقى إلا اللون الأبيض النقي الشفاف , إن دموع القلب ترتجينا وتمعن الرجاء فينا أن نعود دعاة مخلصي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق