ولا منتهى لفضل الله ولا رادَّ لقوله يفعل مايشاء ولا حدّ لكرمه ففوق كل الكرم الذى شهدنا والفضل المتوالى الذى ولانا به مولانا يقول الله لملائكته.لو أذنب عبدى ثم ندم وتاب وأصلح فضعوا له مكان كل ذنب حسنة{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}ولذا قال النبى فى حديث شريف منيف{ لِيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ لَوْ أَكْثَرُوا مِنَ السَّيئَاتِ الَّذِينَ بَدَّلَ اللَّهُ سَيئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ }[6] ومن هنا نظم الرجل الصالح فقال :
هتَكَ العاصون بالذنوب حِمَا هم سوَّدوا الوجوه والصفحات
جاءَ نَصُّ الحساب عليها عسيــراً عدا من هٌدُوا قبل فَوَاتِ
بالذُّل جاءوا ربهم بفعَـالٍ صدق خيرٍ وصالحـاتِ
فتمنَّى القوم لو أكثروا لـمْــمَا بَدَلَ الله سَيّئاتِهم حَسَناتِ
قلتُ ياربنا كم أفضت عليــنا من آى بشرِ نيِّراتِ
بها الخيرُ آت لنا وَعَنْــنَا الشَّرُ زالَ والنعيمُ مُواتِ
فلو بقى نفسٌ فى العمر إلــلا آىُ القران أتت بنجاتى
فكيف نفي بالشكر حقاً ــنا عمَّنا حياةً وبعد مماتى
رحمة الله يا إخوانى بنا لا تُعد ولا تُحدّ ولو علمنا على قدرنا سعة رحمة الله بنا ما إلتفتنا عن وجهه وعن ذكره وعن شكره وعن طاعته طرفة عين ولا أقل فلم يقل إن الله يحب العابدين أمثالنا أوالمصلين أو الصائمين أو القائمين أو التاليين ولكنه يُنبئ لنا عن رحمته فيقول{إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}علم ضعفنا وعلم جهلنا وعلم أن النفس تتقلب علينا ففتح لنا أبواب التوبة بلا حدود حتى إذا أخطأنا أو سهونا أوجهلنا أو نسينا نرفع أكفّ الضراعة ونقول يا رب فإذا تبنا قال : وأنا قبلت إذا تبت يقول تعالى للملائكة:يا عبادى إفتحوا أبواب السماوات لقبول توبته ولدخول أنفاس حضرته فلنفس العبد التائب يا ملائكتى أعزّ عندى من السماوات والأراضين وما فيهن نعم يا أخى أنظر إلى رحمة الله وإلى شفقة الله قارون آتاه الله مالاً يعجز الجمع الكثير عن حمل مفاتيح خزائنه حتى رأى انه هو وحده الذى يستحق الوجاهة فى بنى إسرائيل ولم يرى منافساً له فى الوجاهة بين بنى إسرائيل إلاّ نبى الله موسى فضاق ذرعاً بذلك فأراد أن يُسقط مكانته بين بنى إسرائيل فى زعمه لينفرد بالجاه فانتظر حتى جاء عيد لبنى إسرائيل وإتفق مع إمرأة بغّى أن يعطيها مالاً كثيراً على أن تتهم موسى بالفاحشة على الملأ من بنى إسرائيل عند إجتماعهم للعيد فجاءت المرأة وقد تجمّع الناس جميعاً وجلس قارون على كرسىّ من ذهب وله تاج من جواهر ينتظر إتمام خطته لكن الله غيّر قلب هذه المرأة فقالت فى نفسها : إنكِ لم تفعلى خيراً قط فقولى اليوم الحق لعلّ الله يغفر لك فلما قدّمها قارون وقال إنها تزعم أن موسى فعل معها كذا وكذا قالت المرأة: لا أنت الذى أمرتنى بقول ذلك على مبلغ كذا من المال فغضب موسى وقال: يارب أيوصف عبدك ونبيك بالزنى واخذ يُلحّ على الله حتى قال له مولاه: مُر الأرض بما شئت فهى طوع أمرك فقال موسى للأرض يا أرض خذيه وأشار إلى قارون فانشقت الأرض وهمّت أن تبتلعه فقال قارون : تبت يا إبن الخالة فلما سمعت الأرض كلمة تُبتُ إلتأمت مرةً أخرى فكرر موسى قوله وكررت الأرض فعلها وكرر قارون استنجاده بموسى فتكرر الأرض إلتئامها عند قول تبت سبعين مرة يتكرر الأمر وبعد السبعين إنشقت الأرض وإبتلعته فعاتب الرحمن الرحيم موسى وقال : يا موسى يستغيث بك سبعين مرة فلا تغثه وعزّتى وجلالى لو إستغاث بى مرةً واحدةً لأغثته يا إخوانى إنَّ الله تعالى سمّى نفسه من أجلكم الرحمن الرحيم ولم يقل لك قل : باسم الجبار أو المنتقم أو القهار لكن قل : بسم الله الرحمن الرحيم هل وعينا الدرس وتنسمنا نسيم البشرى قال الرجل الصالح أبو مسلم العمانى فى قصيدة خماسية طويلة جداً مناجاة رائعة أخذنا منها تلك الأبيات ....:
أصبحت والذنب عظيماً موبقاً أوقعني في أسر اشراك الشقا
إن لم يكن لي سيدي موفقاً ولم يكن لتوبتي محققا
فأين منجاتي كلا لا وزر أصبحت عبداً في مقام الذلـه
قضيت عمري باطلاً وضلـه أبارز اللّه بقبح الخلـه
انتهك الزلة بعد الزلـه كأنني أمنت خزياً منتظر
أصبحت عبداً بذنوبي معتقلّ قد غرني الجهل وأرداني الأمل
يا ويلتاه قد دنا مني الأجل ولم أقدم صالحاً من العمل
أجاهر النعمة مني بالبطر تلك صفاتي بئس وصف المتصف
عن كل ما يرضي الـهي منحرف أواه أواه عبيد مقترف
مصرح عما جنيت معترف لا أرعوي لحكمة ومزدجر
وقال أحد الصالحين فى تلك المعانى العالية لتبديل السيئات بالحسنات وقبول الله للعباد على خطاياهم وسوء فعالهم:
تجل بغفار عفو وتواب وبالفضل أكرمنا بخير متاب
فأنت كريم واسع الجود والعطا تبدل بالحسنى إساءة مرتاب
خطاياي لا تحصى وعفوك شامل وما هي يا مولاي في عفو وهاب
إذا ما ملأت الأرض ظلما وبدعة فإنك تبدلـها بخير ثواب
بجانب عفو اللـه كل كبائري تبدل بالحسنى بغير عتاب
أنا طامع في العفو والظلم شيمتي وعفوك مرجو بنص كتاب
أنلني حبا منك يمحو كبائري وإن لم تهب لي الحب طال عذابي
وفي محكم القران آي صريحة فإني قريب) حجة الأحباب
[6] رواه الحاكم فى مستدركه ورمز لصحته وصححه السيوطى كذا رواه الديلمى والثعلبى والقشيرى عن أبى هريرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق