مدونة مراقى الصالحين: ما الحكمة من صيام شهر رمضان المبارك؟

الاثنين، 6 يونيو 2016

ما الحكمة من صيام شهر رمضان المبارك؟


لشهر رمضان حكمٌ كثيرة منها حكمٌ طبية، هذه يضيق الوقت عن عدِّها، فنحن كلنا مرضى ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قال لنا:صُومُوا تَصِحُّوا{1}. فالصيام علاجٌ للكبد، وللسكر، وللضغط، ولأمراض الرئتين، ولأمراض الحساسية، وللأمراض الجلدية، وأمراض لا عدَّ لها الصيام يعالجها، وبالطبع أهمها أمراض المعدة.
وهناك حِكَمٌ اجتماعية، سيدنا يوسف كان معه خزائن الأرض وكان يصوم، فسألوه:لِـمَ تصوم وأنت على خزائن الأرض؟، قال لهم: حتى لا أنسى الجائع. فنحن عندما نصوم نُحْرَم من الطعام فنعرف أن هناك أُناساً محرومين،
إذا كنا نُحْرَمُ أياماً وسنأكل عند المغرب، فهناك أناسٌ محرومون ولا يجدون لا في مغرب ولا في عشاء طعاماً، فيحِنُّ القلب إلى رحمة هؤلاء، وإلى العطف عليهم، وإلي إزالة بؤسَهم وضُرَّهم، والأمر الوحيد الذي سيرحمنا به ربُّنا هو قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:ارْحَمُوا مَنْ فِي الأرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ{2}
وهناك حِكَمٌ أخلاقية، فالمسلم لا يوجد أحدٌ مثله أبداً طوال العام في السلوكيات، فهو مثالٌ في السلوكيات الطيِّبة، فلا يخرج مِنْ فمه إلا القول الطيب، ولا تمتد يده إلا برفق، ولا يسعى إلا إلى الأماكن الطيِّبة، ولا يعمل إلا الأعمال الخيِّرة، لكنه قد يسهو أو ينسى فيقع فيما يُغضب الله، فجعل الله له ورشة إصلاح لأخلاقه، ومدتها ثلاثون يوماً، قال فيها حضرة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ، وَلا يَصْخَبْ فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ{3}
فيتعهّد نفسه في هذه الثلاثين يوماً بأن يكون من:وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [63، 64الفرقان]
فيمشى على هذه المواصفات النيِّرات، وإذا حافظ المسلم على ذلك طوال هذا الشهر، فسيكون بعد رمضان على هذا المنهج طوال الدهر. وقد قال صلى الله عليه وسلم:إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ{4}، وقال صلى الله عليه وسلم:مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ{5}. فيكون الصيام تمريناً لنا على الخُلُق الحسن، وأظن مجتمع المسلمين مجتمع:رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ، وهو مجتمع الخُلُق الحسن.
فلو مشينا على هذا الهدي الإلهيّ وعلى هذا الهدى النبويّ، فيكون مجتمعنا مجتمعاً مثالياً، فلا نجد فيه سبًّا ولا شتماً، ولا لعناً ولا كذباً، ولا غيبة ولا نميمة، ولا زوراً ولا تزويراً ولا باطلا، وهذا هو المجتمع الذي يجب أن يكون عليه المؤمنون في كلِّ زمان ومكان، وأكتفي بهذه الحكم
{1} ابن السني وأَبو نعيم في الطب عن أَبي هُرَيْرَةَ
{2} سنن الترمذي وأبي داود ومسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو
{3} الصحيحين البخاري ومسلم وسنن الترمذي عن أبي هريرة 
{4} الطبراني عن أبي هريرة
{5} سنن الترمذي وأبي داود ومسند الإمام أحمد عن عويمر بن مالك
لؤلؤة شهر رمضان للشيخ فوزي محمد أبوزيد
☀من كتاب فتاوى فورية جــ2 للشيخ فوزي محمد أبوزيد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق