مدونة مراقى الصالحين: الصيام يفتح أذن القلب

الثلاثاء، 24 مايو 2016

الصيام يفتح أذن القلب

قد يكرمه الله بكرامات الأذن، فيسمع تسبيح الكائنات {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} وهناك من يفقه تسبيحهم فيُعَلِّمه الله لغات الأشياء حتى لغة الجمادات ويسمع نطقها بألفاظ فصيحات ويسمع تسبيح حقائقه في جسمه الظاهرة والباطنة فقد قال أحمد بن عطاء الله السكندري في كتابه ( مصباح الأرواح ومفتاح الفلاح في الذكر وكيفية السلوك) عندما أخذ يذكر الله في خلوته{حتى وصلت إلى حال سمعت فيه كل جارحة من جوارحي وكل عضو من أعضائي يذكر الله فسمعت الأذن تذكر وسمعت العين تذكر وسمعت الشَّعْر يذكر وسمعت الأصابع تذكر وسمعت كل عضو من أعضائي يذكر الله بألفاظ فصيحة}
نغمات تسبيح الكيان مُدامي يصغى لها قلبي يزيد هُيامي
قلبي لدى التسبيح يصغى واجداً وجد المؤله من فصيح كلامي
فيسمع تسبيح الكائنات في الآفاق ويسمع تسبيح الحقائق في نفسه ويسمع كل الكلمات بكل اللغات لجميع المخلوقات فيسمع كلام الملائكة عندما تتنزل عليه {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} ماذا يقولون لهم؟ {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} ويعلم كل اللغات وأنتم تعلمون أن أصحاب النبي الستة الذين كلَّفهم بتبليغ الرسائل إلى الملوك وأعطاهم الرسائل وأمرهم بالتوجه في الصباح الباكر كلٌ إلى جهته ولم يكونوا يعرفون لغة البلاد التي سيذهبون إليها وناموا وقاموا في الصباح وكل رجل منهم يجيد لغة البلد التي سيذهب إليها أحسن من أهلها {فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} تعليم من حضرة العليم وبعضهم كان قوى الحفظ والتعلم فأمره رسول الله بتعلم السريانية وهى لغة صعبة فأتقنها في أسبوعين فقط ويسمع بها أكثر من هذا يسمع كلمات الحبيب التي من سمعها فإنه فوراً عن الدنيا وما فيها يغيب وبذكر الله يطيب ويشتهي فوراً أن يرفع عنه كل حجاب حتى يُمتع نظره بالنظر إلى وجه الحبيب والأزهى والأبهى والأبهر من ذلك أن يُهيأه الله لسماع كلمات الله التي يقول فيها لسيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام{يَا مُوسى إِنَّمَا كَلَّمْتُكَ بِقُوَّةِ عَشْرَةِ آلاَفِ لِسَانٍ}[4] وأعطاه الله عشرة آلاف أذن فكان كله آذان ليسمع كلام الرحمن ويدخل في قول الله {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} قد يقول البعض {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فنشرح تلك الآية ونقول: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً} وهم الأنبياء والمرسلين {أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ}والحجاب هو البشرية فإذا رفع الله حجاب البشرية وبقى الإنسان بالحقيقة النورانية وهي النفخة الإلهية سمع بما فيه من مولاه خطاب الله جل في علاه{أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} وهذا خاصة للأنبياء والمرسلين أو رسول الإلهام بالنسبة للصالحين والعارفين والمتقين وقد يكرمه الله بكرامات اللسان فيُنزل على قلبه البيان الذي يقول فيه بالقرآن {فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً}فينطق بالعلوم الوهبية الغيبية وينطق بالحقائق القرآنية أو يخاطب بلسانه الحقائق العلوية أو يخاطب بلسانه الحقائق الأرضية الكونية وتستجيب له وتُنفذ مراده وقد يعطيه الله بلسانه كن فيكون إذا قال هذا اللسان كن لأي شيء فإنه يكون لأن الله تنزَّل له بذلك وأعطاه ذلك بعد أن أهَّله لذلك لأنه صان هذا اللسان عن كل كلام يُغضب حضرة الرحمن وقد يُطوي الله لهذا اللسان المسافات والجهات كما فعل مع عمر عندما وقف على المنبر وخاطب سارية في بلاد فارس وقال بلسانه { يا سارية الجبل }[5] وسمع سارية الصوت وفقه مراده من النداء وهذا أعجب وردَّ وقال {لبيك يا أمير المؤمنين} وقد يجعل الله هذا اللسان مجاباً في أي دعاء يطلبه من حضرة الرحمن فلا يرد الله له طلب وكل طلب يطلبه يحققه الله ويُدخله في قوله{لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ} وقد يعطيه الله كرامات اليد فلا تلمس مريضاً إلا شفته ولا سقيماً إلا أبرأته وراثة لرسول الله ولا تلمس طعاماً إلا باركته إذا وضع يده في طعام فإن البركة توضع في هذا الطعام حتى يكفي الفئة الكثيرة من الأنام وقد يجعل الله هذه اليد في قوة قول الله{وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا}[6] كَيَد موسى عندما وكز المصري كما قال الله { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ } 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق