مدونة مراقى الصالحين: الإسلام دين الرقي والمدنية

الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

الإسلام دين الرقي والمدنية


أيها المسلم الذي أطعت هواك فعصيت ربك. غرك مالُُ تكتسبه أو جاه تفرح به أو قرب من ذي سلطان يستعملك لأغراضه فتأثم لخير غيرك، ثم إِذا بلغ مراده أخزاك فصرت عدوا لجميع الناس ممقوتا من الله وخلقه. تهاونت بشعائر الله التي أمرك بتعظيمها لشهوة تفني وأمل كاذب. لا بالعقل اقتديت. ولا بالقرآن اهتديت. ولكنك غرتك الدنيا عن الآخرة فهويت في مهواة الخزيان وأُلبِسْتَ لباس الذل. تمسك بالدين عزٌّ لك في الدنيا والآخرة. انظر كيف صار حالك. صرت ذليلا بعد العز يحكمك من كنت تملك رقابهم وتراهم عبيدا تتّجر فيهم. بل بلغ بك الجهل بفضيلة دينك إِلي أن حَسَّنْتَ رذائلهم ورأيتها فضائل، حتي بلغ بك الذل أن حكموا فيك بغير كتاب ربك، وجعلوك في وطنك وبلدك لست أهلا للإكرام ولا محلا لأن تحكم نفسك بنفسك. بعيشك كيف كان ذلك؟ أأنت كما يرمونك به أيها المسلم من أن دينك ليس دين الرقي والمدنية؟ أو أنك ليست إِنسانا بمعناه الحقيقي؟ لا، وكذبوا، بل سبب ذلك تركك وصايا ربك وسنة نبيك. أمرك ربك فقال تعالي: (آل عمران 103) وقال تعالي: (الأنفال 46) أوصاك سبحانه فقال تعالي: (المائدة 2) وقال سبحانه آمرا: (الأنفال 60) وقال سبحانه: (آل عمران 28) وقال سبحانه: (الممتحنة 1) وقال تعالي: (المجادلة 22).


هذا بعض ما وصانا به، وأمرنا جلَّ جلاله بما يتعلق بمعاملة المسلم لغيره. ووصاياه سبحانه فيما يتعلق بالرحمة والعطف والود والصلة والبر والإحسان ومكارم الأخلاق وتعظيم شعائره سبحانه مِن إقام الصلاة وإِيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت، ومراقبته جل وعز، ودوام الفكر في نعماه، والمحافظة علي الإخلاص لذاته والخوف من عظمته، والأخذ بالعزائم من سنن نبيه صلي الله عليه وسلم آيات لا تحصي عدًّا، يدركها من ألقي السمع لكتاب الله تعالي وهو شهيد. جثك الله سبحانه وتعالي علي العمل في الدنيا للآخرة، قال تعالي: (الملك15) وقال تعالي: (الجمعة 10) وقال تعالي: (آل عمران 134) وقال تعالي: (الأنعام 160).

والحسنة أعم من أن تكون قولا أو اعتقادا أو صدقة، أو عملا نافعا للمسلمين، أو علما نافعا أو فنًّا من الفنون مفيدا، أو إِحياء صنعة من الصنائع الضرورية، إِذا قصد بذلك النفع ابتغاء مرضاة الله، أو اختراع ما به قوة سلطان المسلمين وراحة أبدانهم وتيسير حوائجهم، وقال تعالي: (يونس 26) والآيات في العمل في الدنيا لطلب الله تعالي وطلب الآخرة لا تحصر في كتاب.

هذا ما أمرك الله به. أفمن كان يدين لله بأحكامه هذه بإخلاص وصدق يذل لغير الله، أو يري غيره ممن دينهم يأمرهم بترك العمل في الدنيا وبالرهبانية أنهم يصيرون ملوكا عليه وهو ذليل بينهم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق