ويقصد بالإعداد الروحي أن يكون الطفل جياش العواطف، ينبسط للخير ويفرح به ويحرص عليه، وينقبض عن الشرِّ ويضيق به ويفرُّ منه. ويوجِّه الإسلام عناية خاصة لتربية الرُّوح لأنها في نظره مركز الكيان البشرى ونقطة ارتكازه، والمهيمن الأكبر على حياة الإنسان، لأنها صلة الإنسان بالله:
} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ { [29- الحجر].
وهى الطاقة التي يتصل بها الإنسان بالمجهول، بالغيب المحجوب عن الحواس، فالاستشفاف عملية من عملية الرُّوح، والحلم التنبؤي عملية من عمليات الروح، والتخاطر عن بعد ( التلباثي) كحادثة عمر الشهيرة مع سارية، حين ناداه على بعد ألوف الأميال: يا سارية الجبل!! فسمعه سارية ونجا من الكمين وانتصر، هذا التخاطر عملية من عمليات الروح. وهي كلها عمليات جليلة عظيمة باهرة معجزة. يقف الإنسان حائرًا أمامها، مبهورًا من العجب والإعجاب.
ومهمة العقيدة هى مساندة الفطرة وتوجيهها وجهتها. مهمتها أن تساعد الفطرة في الاهتداء إلى الله، الاهتداء الذي هو كامن في كيانها ولو حجبتها عنه الأمراض. مهمتها أن تطلق الرُّوح من إسارها لكي ترى الله.
فيعتقد الطفل أن الله الذي خلقه معه ويراه، وهو مطلع على سرِّه وعلانيته، وأنه سوف يحاسبه في يوم لا شفيع فيه ولا نصير. وأن جوارحه سوف تشهد عليه، وأن الله قد فرض عليه فرائض فلا يضيعها كالصلاة والصيام والزكاة، وإكرام الوالدين ، والإحسان إلى الجيران، وصلة الرحم.... وغيرها، .... فطريقة الإسلام في تربية الروح هي :
أن يعقد صلة دائمة بينها وبين الله، في كل لحظة وكل عمل وكل فكرة وكل شعور، ويستخدم لذلك وسائل شتى:
- فهو من ناحية يثير حساسية القلب بيد الله المبدعة في صفحة الكون، لتحس دائما بوجود الله، وقدرته المطلقة التي ليست لها حدود.
- ومن ناحية يثير حساسية القلب برقابة الله الدائمة عليه. فهو مع الإنسان أينما كان، وهو مطَّلعٌ على فؤاده، عالم بكل أسراره، وبما هو أخفى من الأسرار.
- ومن ناحية يثير في القلب وجدان التقوى والخشية الدائمة لله، ومراقبته في كل عمل وكل فكرة وكل شعور.
- ومن ناحية يثير فيه الحب لله، والتطلع الدائم إلى رضاه.
- ومن ناحية يبعث فيه الطمأنينة إلى الله في السَّرَّاء والضَّرَّاء، وتقبُّل قدره بالتسليم والرضاء. والهدف في النهاية واحد: هو وصل القلب البشري بالله.
- وحين يحسُّ بمراقبة الله الدائمة له في كل تصرف، وكل فكرة، وكل شعور، وكل هاجسة في النفس مستورة، وكل خائنة في العين خافية: ... يهتز ويرتعش، ويخِرُّ خاشعًا ويراقب الله في الصغيرة والكبيرة وفي الجهر وفي الخفاء ويراقبه وهو يعمل، يراقبه وهو يفكِّر، يراقبه وهو يحسُّ، فلا يعمل شيئًا بغير إخلاص، ولا يعمل شيئًا بقصد الشرِّ ولا يعمل شيئًا دون تمعن وتفكر، ولا يعمل مستهترًا ولا مستهينًا بالعواقب، ولا يعمل شيئًا لغير الله.
وسائل الإعداد الروحي
ويمكن أن نلخص وسائل الإعداد الروحي فيما يلى:
1. العناية بالفضائل
وذلك بإبراز قيمة الفضائل وآثارها الفردية والإجتماعية وأبرزها: العدل، والصدق، وبر الوالدين، والشجاعة والصبر، والرحمة والعفو، والأمانة والعفة، والتواضع والحلم، والصمت وكفالة اليتيم، وبرُّ الجار والإجارة، والوفاء للصديق والوفاء بالعهد، وغيرها.
وإظهار مساوئ الرذائل كالكبر، والظلم والحسد، والكذب والنفاق، والنميمة والغيبة، والبخل والبغي، والغرور والسخط، وحب الدنيا واللعن، وصحبة الأشرار وشهادة الزور، والغدر وخلف الوعد، والجدال والمراء، والرياء والعجب، والغش والتجسس، والهمز واللمز والشماتة، والزنا واللواط، وعقوق الوالدين واتباع الهوى، وقطيعة الأرحام والربا، وغيرها.
وبيان آثارها أمام الطفل بقدر ما يتسع له فهمه، وذلك بمراقبته وتعويده على الحياء والاحتشام، وأن يحبب إليه الإيثار، ويحفظه عن الصبيان الذين عُودوا التنعم والرفاهية ولبس الثياب الفاخرة، وعن مخالطة كل من يُسمعه ما يُرغبه فيه، ويمنع من لغو الكلام وفحشه، من اللعن والسب، ومن مخالطة من يجري على لسانه شئ من ذلك، فإن ذلك يسرى لا محالة من قرناء السوء.
ولذلك فإنَّ من الضروري أن يحبب الآباء أبناءهم في اختيار الأصدقاء الأخيار، ومزاولة أصحاب الخلق الفاضل، لأن الأطفال يحاكي بعضهم بعضاً ويتشبه كلٌّ بالآخر.
والصورة المثلى للتربية الحسنة هي ما يرويه القرآن الكريم في حديث لقمان وهو يعظ ابنه إذ يقول: } وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ { [13- لقمان]، } يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ. يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ. وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ { [19:16لقمان]
ففي هذه الآيات نرى تدرج الدعوة وأخذها بالأهم فالمهم في خطوات أو مراحل متتابعة ومتكاملة لا انفصال بينها وهي:
أولا: جانب العقيدة: متمثلا في قوله: } يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ { [13- لقمان]، } يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ { [16- لقمان].
وبعد تثبيت العقيدة واستقرارها في الضمير بعد الإيمان بالله وحده لا شريك له، واليقين بالآخرة لا ريب فيه، والثقة بعدالة الجزاء لا يفلت منه مثقال حبة من خردل. بعد ذلك تأتي المرحلة الثانية.
ثانيًا ـ تطبيق العقيدة:متمثلاً في التوجه إلى الله بالصلاة وإلى الناس بالدعوة إلى الله والصبر على تكاليف الدعوة ومتابعتها التي لا بد أن تكون:
} يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ { [17- لقمان].
ثالثًا ـ الجانب الأخلاقي والتربوي:ثم ينتقل إلى أدب الداعية إلى الله، فالدعوة إلى الخير لا تجيز التعالي على الناس والتطاول عليهم باسم قيادتهم إلى الخير، ومن باب أولى يكون التعالي والتطاول بغير دعوة إلى الخير أقبح وأرذل:} وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ { [18، 19- لقمان].
ويوضح الإمام الغزالي كيفية العناية بهذا الجانب ] في كتابه (إحياء علوم الدين) جـ 3 ص73[ فيقول:
(مهما ظهر من الصبي خُلُقٌ جميل، وفِعْلٌ محمود، فينبغي أن يُكَرَّم عليه ويُجازى عليه بما يفرح به، ويُمدح بين أظهر الناس، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرَّةً واحدة فينبغي أن يتغافل عنه، ولا يهتك ستره، ولا يكاشفه، ولا يظهر له أن يتصور أن يتجاسر أحد على مثله، ولا سيما إذا ستره الصبي واجتهد في إخفائه، فإن إظهار ذلك عليه ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة. فعند ذلك إن عاد ثانية فينبغي أن يعاتب سرًّا ويعظم الأمر فيه. ولا تكثر القول عليه بالعتاب في كل حين، فإنه يهون عليه سماع الملامة وركوب القبائح، ويُسقط وَقْعَ الكلام من قلبه، وليكن الأب حافظًا هيبة الكلام معه، فلا يوبخه إلا أحياناً، والأم تخوِّفُهُ بالأب وتزجره عن القبائح).
2. القدوة الطيبة
أن يكون الآباء أنفسهم مثلاً صالحاً لأبنائهم، فإن الأطفال من عاداتهم أن يتشبهوا بآبائهم ويحاكونهم في أقوالهم وأفعالهم، والقدوة الصالحة ما هي إلا عَرْضٌ مُجَسَّمٌ للفضائل. وإن الطفل الذي يرى والديه يهتمان بأداء الشعائر والبعد عما يخل بتعاليم الدين - مثل الكذب والغدر، والنميمة والأثرة، والبخل وغير ذلك من الصفات الذميمة - لا بد وأن يتأثر تأثرًا بالغًا بما يراه ويشاهده من والديه، وفي ذلك يقول الغزالي ]في إحيائه[:
( فأول الأمور التي ينبغي أن تراعى فإن الصبي بجوهره خلق قابل للخير والشر جميعًا، وإنما أبواه يميلان به إلى أحد الجانبين قال رسول الله r :
{ كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفِطرةِ ، فأبَواهُ يُهوِّدانهِ أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه }[48])
ولكي تكتمل القدوة الطيبة لدى الطفل فإننا نحتاج إلى أن يكون الشارع والمدرسة والمجتمع على الصورة التي تُرغِّب في تنشئة ذلك الطفل عليها، فإن تربية طفل واحد على الإسلام، كتربية ألف طفل، كتربية جميع الأطفال، تحتاج إلى البيت المسلم والشارع المسلم والمدرسة المسلمة، والمجتمع المسلم.
فما دمت لا تستطيع - ولا ينبغي لك - أن تحبس طفلك عن النزول إلى الشارع للعب أو السير والانتقال فيه؛ ولا عن الذهاب إلى المدرسة ليتعلم؛ ولا عن الاختلاط بالمجتع ومفاهيمه وعاداته وتقاليده وأنماط سلوكه، ولا عن التأثيرات الناشئة من ذلك كله؛ فلن تستطيع إذن أن تنشئ هذا الطفل كما تريد أنت، مهما كنت في بيتك على أعلى درجات المثالية في سلوكك الشخصي أو في منهجك التربوي. فإن كنا نريد إذن أن نربي أطفالنا تربية إسلامية - وذلك هو المقتضى الطبيعي لكوننا مسلمين - فلا بد أن يكون لدينا البيت المسلم والشارع المسلم والمدرسة المسلمة والمجتمع المسلم.
ومن بديهيات المجتمع المسلم أن يكون البيت والشارع والمدرسة والمجتمع كلها سائرة في طريق واحد هو طريق الإسلام والتربية الإسلامية؛ وألاَّ يوجد الصراع بينها، مادامت كلها تنهج نهجًا واحدًا، وتستمد من معين واحد؛ وأن تتآزر جميعًا على تكوين الشخصية الإيمانية المسلمة، وتوحيد أنماط سلوك المجتمع وعاداته، وجعلها طابعًا مميزًا للمجتمع الإسلامي كله، ينعكس في السلوك الفردي لكل مسلم، كالآداب العامة، وطريقة التعامل في البيع والشراء، وآداب الزيارة، وآداب الحديث، وآداب الزوج، وآداب الأسرة، وغيرها، وإن كان هذا التوحيد العام لأنماط السلوك وعاداته لا يلغي الفوارق الذاتية بين البشر المسلمين، ولا يجعلهم نسخًا مكررة، وإنما يسمح بوجود درجات من الاختلاف؛ لأن لكل مسلم طابعه الخاص.
ومع عناية الإسلام بأن يكون البيت والشارع والمدرسة والمجتمع كلها سائرة في طريق واحد ومؤدية إلى غاية واحدة، فقد كان تركيز الإسلام الأكبر على الأسرة والبيت لأن البيت هو المحضن الذي ينشأ فيه الطفل حتى يكبر، ويلتقط منه الانطباع الأول الذي قد يؤثر فيه مدى الحياة.
وتتضح لنا عناية الإسلام بالبيت والأسرة من مراجعة تشريعات الإسلام وتنظيماته وتوجيهاته جميعًا. فأما التشريعات والتنظيمات فقد كفلت قيام الأسرة على رباط شرعي معلن قائمٌ بسم الله، وفي ذلك حفظ الأنساب، واطمئنان الأب إلى أبنائه، واطمئنان الأبناء إلى أبويهم، وذلك عنصر مهم من عناصر الاستقرار في نفس الطفل.
كما كفلت التشريعات والتنظيمات قيام الزوج بكفالة الزوجة وإراحة أعصابها من جهد الكدح من أجل لقمة الخبز، وذلك لكي تتفرغ لمهمتها العظمى في تنشئة الأجيال.
ولئن كان الداء الذي أصاب العالم المادي هو تشغيل المرأة، وشَغَلَهَا بقضية المساواة مع الرجل، وَحَمَلَهَا على أن تستنكف التفرغ للأمومة وبناء الأجيال القادمة من البشرية، وتعدُّه حطًا من قيمتها وتضييعاً لمواهبها، وتصعيب الحياة الإقتصادية وتعقيدها ـ بخبث ـ بحيث لا يكفي فيها إيراد الرجل وحده لإقامة بيت وأسرة، لكي تُكره المرأة على العمل، أو لكي تجد المبرر الظاهري لهجر البيت والخروج للعمل، فإن المرأة العاملة المتزوجة ذات الأولاد لهي التي تصرخ مستجيرة من ذلك الجهد المهلك المضني، خاصة بعد أن تكثر مطالب الأسرة وتتعدد. ولقد كان الإسلام أرأف بها وأرحم، وأعلم باحتياجاتها واحتياجات الطفولة واحتياجات البشرية كلها وهو يضع هذه التشريعات وهذه التنظيمات.
وأما توجيهات الإسلام فهي تدعو إلى توفير أكبر قدر من الاستقرار لهذا البيت الذي ينشأ فيه الطفل، لتكون تنشئة الأطفال في أفضل وضع لهم، وفي أنسب الظروف ملائمة لنموهم السوي على الفطرة السليمة.
فهو أولاً يستثير وجدان المودة والرحمة بين الزوجين، ليكون هذا هو الرباط الأقوى الذي يربط قلب الأب وقلب الأم، فيربط معهما كيان البيت كله:
} وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ { [21- الروم].
ثم هو يوصي كلاًّ منهما بإحسان المعاملة من جانبه، والحرص على هذا الرباط من أن تنفصم عراه: } وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ { [19- النساء]
ويدعو إلى علاج كل بادرة من بوادر الخلاف قبل أن تصل إلى القطيعة: }وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا. وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا{ [34، 35- النساء].
والملحوظ في هذه التوجيهات كلها، كما هو الملحوظ في التشريعات والتنظيمات أن تكون الأمور في الوضع الأمثل بالنسبة للرجل والمرأة كليهما، ولكن من الواضح كذلك أنها تهدف إلى ما وراء الرجل والمرأة في ذاتهما. فهي تهدف - بتوفير الاستقرار النفسي والعصبي والاجتماعي والاقتصادي للرجل والمرأة - إلى تهيئة الجو الصالح للأمومة والأبوة، لتنشئة الأجيال المقبلة في أنسب وضع لهذه التنشئة وأفضل وضع.
فلا شئ ييسر التربية السليمة ويجعلها أقرب إلى إيتاء الثمرة المرجوَّة من الجو المستقر حول الطفل، والحب المرفرف حوله من خلال الأبوين، ولا شئ يفسد التربية ويجعلها أبعد عن إيتاء ثمرتها من -جو القلق العصبي والنفسي والفكري والروحي، والجو المشحون بالبغضاء والشقاق والتوتر.
ومن هنا كان حرص الإسلام الشديد على تربية الناس على نهج الإسلام، لكي يكون الآباء هم القدوة المباشرة لأبنائهم في الفترة التي ينحصر عالم الطفل فيهم، فتتكون في نفوس الأطفال ـ بالالتقاط والمحاكاة ـ تلك القيم الإسلامية بغير جهد يذكر، وينشأ في نفوسهم منذ الصغر فتكون عميقة الجذور، ثم يزيدها التعليم رسوخًا، ويزيدها المجتمع الإسلامي قوة.
فحين توجد القدوة الحسنة متمثلة في الأب المسلم والأم ذات الدين فإن كثيرًا من الجهد الذي يبذل في تنشئة الطفل على الإسلام يكون جهدًا ميسرًا وقريب الثمرة في ذات الوقت، لأن الطفل سيتشرب القيم الإسلامية من الجو المحيط به تشرُّبًا تلقائيًا، وستكون تصرفات الأم والأب أمامه في مختلف المواقف - مع بعضهما البعض ومع الآخرين - نماذج يحتذيها ويتصرف على منوالها.
ولذا فعلى الأب والأم أن يترفعا أمام أولادهما عن دنايا الأمور، وسفاسف العادات، وقبائح الأخلاق، وأن ينزِّها ألسنتهما من السباب والشتائم والكلمات النابية والقبيحة، وعن كل ما يُنْبِي عن فساد الأخلاق، لأن مسئوليتهما في هذا المجال مسئولية شاملة. ومن الأمور المسلم بها لدى علماء التربية أن الطفل يولد على الفطرة النقيَّة والطهارة والبراءة، فإذا تهيأت له التربية المنزلية الواعية، والبيئة التعليمية المؤمنة، نشأ الولد على أخلاق فاضلة، وتربَّى تربيَّة صالحة.
والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإذا عُوِّدَ الخير وعُلِّمَه، نشأ عليه وسعد به في الدنيا والآخرة، وإن نشأ في بيت مهمل، وخالط جماعة فاسدة، فإنه سيرضع لبان الفساد ويتربى على أسوأ الأخلاق، وسرعان ما يتحول من السعادة إلى الشقاء.
3. التدريب على العبادات
وفي هذه المرحلة يجب أن يُلقَّن الطفل مبادئ الدين، ونُمَرِّنُهُ على العبادات، ونعوِّده على ممارسة فعل الخير، لأن ذلك يجعل منه نواة صالحة لمجتمع سليم راق.
وفي ذلك يقول الإمام الغزالي ]في إحيائه جـ 3 ص73[: (ومهما بلغ سن التمييز، فينبغي أن لا يسامح في ترك الطهارة والصلاة، ويؤمر بالصوم في بعض أيام رمضان، ويُجَنَّبُ لبس الديباج والحرير والذهب، ويُعَلَّم كل ما يحتاج إليه في حدود الشرع).
وقد قال رسول الله r ، موضِّحاً الواجب على الأب في هذه الفترة فيما رواه الكثيرون من أصحاب الكتب:
{ مُرُوا الصبيانَ بالصلاةِ لِسَبْعِ سنينَ، واضْرِبُوْهُمْ عَلَيْهَا في عَشْرٍ، وفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المَضَاجِعِ }[49]ن وورد:
{ الغُلاَمُ يُعَقُّ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُسَمَّى وَيُمَاطُ عَنْهُ الأَذَى؛ فَإِذَا بَلَغَ سِتَّ سِنِينَ أُدِّبَ، فَإِذَا بَلَغَ تِسْعَ سِنِينَ عُزِلَ فِرَاشُهُ، فَإِذَا بَلَغَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً ضُرِبَ عَلَى الصَّلاةِ، فَإِذَا بَلَغَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً زَوَّجَهُ أَبُوهُ؛ ثُمَّ أَخَذَ بِـيَدِهِ وَقَالَ: قَدْ أَدَّبْتُكَ وَعَلَّمْتُكَ وَأَنْكَحْتُكَ، أَعُوذُ بِالله مِنْ فِتْنَتِكَ فِي الدُّنْيا وَعَذَابِكَ فِي الآخِرَةِ}.[50]
فقد جاء التوجيه من الرسول r أن نروض أولادنا على القيام بالعبادات لتتأصل في نفوسهم ويتعودوا عليها منذ نشأتهم الأولى، حتى يتربى الطفل على طاعة الله U والقيام بحقِّه، والثقة به والاعتماد عليه، ويجد فيها أيضًا طُهْرًا لروحه، وصفاءاً لنفسه، وصحةً لبدنه، وتهذيباً لأخلاقه. فقد قال:
{ أَكْرِمُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ، وورد: آدابهم } [51]
{ مَا نَحَلَ والدٌ ولداً خيراً لَهُ من أدبٍ حَسَنٍ }[52]
إن الطفل عندما ينشأ منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله والاعتماد عليه والمراقبة له فإنه يصبح وعنده الملكة الفطرية، والاستجابة الوجدانية، لتقبل كل فضيلة ومَكْرُمَة، ويتأتى ذلك بإبراز مشاعر الطهر والنقاء في نفسه، وإشعاره بمراقبة الله عليه.
ولذلك فيبدأ الأبوان في هذه المرحلة:
بتعليم الطفل الطهارة والوضوء والصلاة، ويصحبه الأب معه إلى المسجد للصلاة معه - على أن يبين له آداب عمارة المسجد والجلوس فيه، ويوضح له كيفية الصلاة في جماعة - ويجتهد في إقناعه بأهمية الصلاة وفضائلها، ويكشف له عن بعض أسرارها، حتى تكون عبادته عن حُبٍّ وشوق لا عن خوفٍ ورهبة، فذلك يجعله يصلي سواء كُنْتُ حاضرًا أو غائبًا لأنه يصلي لله U ، وليس خوفًا مني أو رغبة في إرضائي بل رغبة في إرضاء الله U .
وكذلك الصيام فيبدأ الوالدان بتدريب الطفل على صيام بعض اليوم، ثم نصفه، ثم صيام بعض أيام من الشهر الكريم. وتحكي السيدة عائشة رضى الله عنها عن ذلك فتقول:
(كنا نصُوم ونحن صغار، وكانوا يصنعون لنا اللعبة من العهن (الصوف) يلهوننا بها عن الجوع).
4. الآداب الإسلامية
وفي تلك المرحلة الهامة يجب تعويدهم على الآداب الإسلامية الهامة وخاصة في النوم فنجعل الأولاد في غرفة والبنات في غرفة، ونجعل لكل ولد أو بنت سريراً خاصاً به، فإذا اضطررنا لأن ينام ولدان على سرير واحد، أو بنتان في فراش واحد، فيجب أن نجعل لكل ولد أو بنت غطاءًا خاصًا به ولا نشركهما في غطاء واحد، لأن احتكاك الأعضاء ببعضهما قد يحرك الشهوة، أو يثير الغرائز، وهذا من الحيطة البالغة التي يحرص الإسلام عليها.
وكذلك يجب تعليمهم أدب الاستئذان كما وضَّحه القرآن، لأنه من قواعد الأدب العالي والخلق الرفيع. فالرجل عندما يدخل إلى غرفة نومه ومعه زوجته عليه أن يعلم أولاده أن لا يدخلوا عليه إلا إذا استأذوا حتى لا تقع أنظارهم عليه في صورة لا يحب منهم أن يطَّلِعُوا عليها، وذلك ما وجَّه إليه القرآن الكريم في قوله تعالى:
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاء ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ { [58-النور].
ونركز في هذه الفترة على تعليمهم أدب الطعام، وأدب الكلام، وأدب المشي، وأدب الجلوس، وأدب الزيارة، وأدب السلام، وغيرها من الآداب الإسلامية التي تجعل الطفل ينشأ على القيم الإسلامية ويَعْتَزُّ بها، ويفتخر بالتمسك بها.
وعلينا أن نحذر هذا التقليد الذي سرى في بلادنا كالنار في الهشيم، وهو الدفع بأولادنا إلى مدارس أجنبية ومعاهد تبشيرية، مع ترك قيادة الأولاد في تعليمهم لمربين ملحدين، يغرسون في أنفسهم بذور الحقد والإلحاد، ويزودونهم بكتب الخلاعة والمجون وما كتبه المستشرقون ضد ديننا الحنيف، ويصبون في آذانهم كلمات الاستهجان بالدين والاستخفاف به. فعلينا أن نتنبه لهذا ونستشعر المسئولية، فالمسئولية ضخمة والخطر جسيم، ويتطلب اليقظة التامة والحيطة الكاملة فى اختيار المدرسة ومتابعة الأولاد، ولنضرب مثلاً للذين تربَّوْا على الإيمان بالحسن والحسين سيدىِّ شباب أهل الجنة y:
- فقد غَرَسَتْ فيهما التربية الإسلامية الحكمة في معالجة الأمور التي تعن لهما، ولذلك ورد أنهما رأيا رجلاً لا يحسن الوضوء، فلم ينبهاه بطريقة مباشرة حتى لا يجرحا مشاعره، بل اصطنعا شجارًا وخلافًا بينهما على أيهما أحسن وضوءًًا، ثم اقتربا منه وطلبا منه أن يتوضئا أمامه ويحكم بينهما، فلما رآهما الرجل تنبَّه إلى خطئه، وشكر لهما حسن صنيعهما.
- وأيضًا هذه الحكمة هي التي دفعت الحسين - وهو الأصغر - عندما حدث خلافٌ بينه وبين الحسن أن يرسل إليه رسالة يقول فيها: قال r :(لا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ، فإذا وصلك خطابي هذا فأت إليَّ لأني لا أرضى أن تكون الخيرية لي وأنت أخي الأكبر. فجاء إليه وتصافيا!! لأنهما تربيا على منهج الإسلام القويم.
الفصل الرابع
رعاية شباب الإسلام
أولاً: التثقيف والتربية الجنسية
- نماذج من الأسئلة التى طرحت على الرسول
- الألفاظ القرآنية فى المواضيع الجنسية
- أسباب عناية الإسلام بالتربية الجنسية
- تربية الأطفال جنسياً
أولاً: ستر العورة
ثانياً: التفريق بينهم فى المضاجع
ثالثاً: تعليم الأبناء أحكام المراهقة
رابعاً: تجنب الأولاد الإثارات الجنسية
خامسا: تعليمهم أدب الدخول على النساء والإستئذان على الوالدين
- علاج الإسلام للزنى
- أسباب إنتشار الآفات الجنسية فى المجتمع
1- الإختلاء بالمرأة الأجنبية
2- النظر المحرم إلى محاسن المرأة
3- الإستماع إلى صوت المرة المرخم
4- شم أنفاس المرأة واستنشاق عطرها
5- لمس أعضائها.
6- نقص التربية متمثلاً فى قلة المروءة.
7- نقص التربية مثمثلاً فى عدم الوعى بأخطار الزنا
8- عدم الزواج المبكر
9- فقدان الرادع
- العلاج الإسلامى لإنتشار الآفات الجنسية
ثانياً: التربية الإيمانية
- مسئولية الآباء فى متابعة الأبناء
- أسس التربية الإسلامية
أولاً: القيم الإسلامية
ثانياً: مكارم الأخلاق
ثالثاً: بناء المراقبة الإيمانية (الضمير)
رابعاً: جهاد النفس
- نور القرآن
- ميادين جهاد المؤمنين
الفصل الرابع
رعاية شباب الإسلام
عني الإسلام عناية كبيرة جدًا بالشباب لأنهم عماد الأمة، ومطمح آمالها، وعليهم جُلُّ اعتمادها في أي نهضة تقوم بها. وقد كان لجيل الشباب المسلم في بدء الدعوة الإسلامية - أمثال عليّ ابن أبي طالب، وعمَّار بن ياسر، ومصعب بن عمير، وزيد بن حارثة، وأسامة بن زيد، وغيرهم - الفضل الأول في نشر الدعوة الإسلامية، وتثبيت أركانها.
وتعتبر فترة الشباب أهم فترة في حياة الإنسان لأنها تبدأ من لحظة البلوغ، أو من سن الرابعة عشر تقريبًا، وفي هذه الفترة تكون قد اكتملت للإنسان ذكرًا كان أو أنثى أعضاؤه الجسمانية، وتنشط جميع غرائزه محاولة إبراز ملامح شخصيتة، ويقترب العقل من النضوج فيسعى للإلمام بكل ما حوله.
ومن هنا فإن الشاب يخضع لدوافع داخلية كثيرة وخطيرة، غير المؤثرات الخارجية تؤثر في سلكوكه وعاداته، وتحاول أن تلقي بظلِّها على شخصيته وتصرفاته. والإسلام بطبيعته الشمولية لم يهمل هذه المؤثرات، ولم يطالب بتنحيتها جانبًا، لكنه وضع أمثل الطرق لاستخدامها والاستفادة بها في حياة المرء، حتى يكون المرء متوازنًا بين مطالب الجسد ومطالب الروح، عاملاً لسعادة نفسه وبني جنسه في الدنيا، ونجاة نفسه في الآخرة، وذلك ما نجده واضحًا في بناء الإسلام للشباب في هذه الفترة.
فهو يهتم بكل ما له علاقة بالجنس، بدءًا من المراهقة، فالبلوغ وعلاماته، إلى الخطبة فالزواج وما يتعلق بذلك من أحكام شرعيَّة وآداب خُلُقِيَّة.
ويحرص على توضيح صفات النفاق والمنافقين - مع شدة التحذير منها - ليتجنبها الشباب في سلوكهم، فيخلو المجتمع من مرض النفاق، فيصلح ويسعد.
وهو حريص على تكوين جهاز الرقابة الإيمانية في نفوس الشباب ضمانًا لاستقامتهم، ورغبة في سعادتهم.
ثم هو يضع اللمسات الإيمانية في كافة فروع العلوم الطبيعية والإنسانية ليمتزج الدين بالعلم، فيكون العلم مُحَصَّناً بالفضيلة، محفوظاً من الاتجاه به نحو الفساد أو الرذيلة.
وسنحاول إبراز بعض هذه الجوانب ليتضح لنا عظمة الإسلام في تربية شبابه، وسُمُوِّه في توجيه عواطفهم ورغباتهم؛ والأخذ بأيدهم إلى منازل الكمال، والحرص على بلوغهم شأو الرجال.
أولا: التثقيف والتربية الجنسية
اهتم الإسلام بالجنس اهتمامًا منقطع النظير، ويظهر ذلك في إشباع الفقهاء القول في كل ما له علاقة بالأعضاء التناسلية. فقد تكلموا بإسهاب عن ختان الذكورة وأنه من الفطرة، وخفاض النساء وأنه مكرمة، وتكلموا عن الخطبة والزواج، وأعطوا لهما حقهما من البحث والتنقيب، وإصدار الفتاوى الشرعية، وذكروا العيوب التي تُرَدُّ بها الزوجة، ومنها عيوب الفرج التي لا يمكن معها المعاشرة، ولم يهملوا الكلام عن قضايا العذارة والبكارة والثيبوبة، وقد فرَّقوا بين العذراء والبكر، وأعطوا لكل منهما حُكمًا مستقلاً، لا سيما عندما يصل الأمر إلى القضاء.
وتكلموا عن الحمل والولادة والرضاع، وحكم جماع المرضعة، وزواج المتعة والزنى والشذوذ الجنسي واللواط والسحاق وغير ذلك.
ويمارس الأزهر بين طلبته من البنين والبنات - كلّ في معهده - بداية من سن الأولى الإعدادية تدريس هذه الثقافة في الإطار الإسلامي الذي يهدف إلى إيصال الحقيقة - العلمية أو النظرية - بواقعها إلى ذهن الطالب في وضوح؛ محاطة بسلوك خُلُقِيٍّ رفيع، يجعل الطالب يمارسها عن قناعة.
وهذه لمحة سريعة لبعض ما يدرسه الطالب الأزهري والطالبة في معهديهما، فيثقفان ثقافة جنسية في إطار الأحكام الشرعية، تنير لهما سبل المعرفة مع دين صحيح سليم، نقلناها من مقال الدكتور علي أحمد الخطيب رئيس تحرير مجلة الأزهر بعنوان (الأزهر والثقافة الجنسية) عدد ربيع الأول 1416 هـ أغسطس 1995 م حيث يقول: ( ونقدم هنا جانبًا مختصرًا للغاية عن بعض هذه الدراسة).
أولاً: لكي يتعرف الطالب والطالبة بدقة على الوضوء ، ينبغي أن يعلما أولاً نواقض الوضوء عند الرجل والمرأة على سواء، وبالتالي يتعرفان على كل ما يخرج من السبيلين لديهما مما ينقض الوضوء، فيعرفان ألوان الماء الخارج من الرجل، ومكان خروجه صراحة، ويتعرفان على خصيصة هذا الماء من: بول، ومَذيٍّ، وودْيٍّ، ومَنِيٍّ، ووقت خروج كل من هذه الثلاثة الأخيرة، وسبب خروجه، ثم كيفية الطهارة منه، ومتى يكون خروج أي من الأربعة ناقضًا للوضوء، أو موجبًا للغسل، ومتى لا يوجب وضوءًا ولا غسلاً؟.
وتقتضي دراسة خروج المني معرفة أسبابه، وما كان منها حلالاً، أو حرامًا، أو مكروهًا، وأحوال كلٍّ، وما يقتضيه خروج المَنِيِّ شرعًا من وجوب الغسل! ويتعرفان - كلٌّ من الطالب والطالبة - على ألوان الخارج من قُبل المرأة صراحةً ماء أو دماء، وأسبابها، ومتى تَمْنَعُ هذه الدماء مباشرة الرجل لزوجته؟ ومتى لا تمنع مع وجودها؟ ويعتبر الطالب الأزهري - ومثله الطالبة - على علم دقيق بالتفريق بين دم الحيض والنفاس، ودم الاستحاضة، ودرجات هذه الدماء كثافة ورقة، وماء المرأة الذي يعقب الحيض تمامًا، وهذا الأخير لا تعلمه أكثر النساء!! ثم هما - الطالب والطالبة - أيضًا على عِلْمٍ - في هذا المقام - بحال من ابتدأتْ الحيض، ومن اعتادته، وما ينبغي لكل منهما ـ حيال هذا الخارج منها.
ثانياً: وإذا درسا الغسل كان عليهما أن يدرسا موجباته الخمس، وفي مقدمتها المباشرة الزوجية، وكيف تتم، فيدرس كل منهما أمرها، وواجب المرأة حيالها، وواجب الرجل أيضًا، وآداب هذه المواصلة حتى لا يقع الرجل على زوجته كما تقع البهيمة على أنثاها .... الخ ). انتهى.
وإذا انتقلنا إلى الحديث النبوي الشريف فإننا نجد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، والصحابيات الماجدات رضوان الله عليهن لم يترددوا أن يسألوا عن دينهم - سواء تعلَّق الأمر بالجنس أو بغيره - يستعملون الوساطة في السؤال أحيانًا لظروف خاصة، ويسألون طورًا آخر الرسول r مباشرة ومواجهة استفادة وإفادة.
نماذج من الأسئلة التى طرحت على الرسول
وهذه نماذج من الأسئلة التي طرحت على رسول الله r ، ليعطي فيها الحكم والأدب اللائق بها، وقد استمع إليها وأجاب عنها بوضوح تام بدون لوم ولا تثريب.
الحيض: روى الإمام البخاري عن عائشة t ا أن امرأة سألت النبي r عن غُسلها من المحيض فقال لها: (خذي فرصة من مسك فتطهري بها، قالت: كيف أتطهَّر؟ قال تطهَّري بها. قالت: كيف؟ قال سبحان الله!! تطهَّري، فاجتذبتها إليَّ فقلت: تبتغي بها أثر الدم).
الغسل: روى الإمام مالك (أن الصحابي الجليل أبا موسى الأشعري t أتى السيدة عائشة y زوج النبي r ، فقال لها: لقد شق عليَّ اختلاف أصحاب النبي r ، في أمر إني لأعظم أن أستقبلك به!! فقالت: ما هو؟ ما كنت سائلاً عنه أُمَّك فسلني عنه. فقال: الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل، فقالت: إذا جاوز الختان فقد وجب الغسل، فقال أبو موسى الأشعري: لا أسأل عن هذا أحدًا بعدك أبدًا).
الاحتلام: عن عروة بن الزبير y أن أم سليم قالت لرسول الله r : { المرأة ترى في المنام ما يراه الرجل، أتغتسل؟ فقال لها رسول الله r : ( نعم فلتغتسل. فقالت لها عائشة: أفٍّ لكِ، وهل ترى ذلك المرأة؟ فقال لها رسول الله r : تربتْ يمينُكِ، ومن أين يكون الشبه؟).
وفي رواية السيدة أم سلمة t ا زوج النبي r أنها قالت: (جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة الأنصاري إلى رسول الله r فقالت يا رسول الله: إن الله لا يستحي من الحقّ، هل على المرأة من غُسْلٍ إذا هي احتلمت؟ فقال: نعم إذا رأتْ الماء).
الزواج وقضية العسيلة: روى الإمام البخاري عن السيدة عائشة : (أن رفاعة القرظي تزوَّج امرأة ثم طلَّقها، فتزوجتْ من آخر، فأتتْ النبيَّ r فذكرت له أنه لا يأتيها، وأنه ليس معه إلا مِثُلُ هدبه، فقال: لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك).
مباشرة الحائض: عن أبي ميسرة عن السيدة عائشة y قالت: (كان النبي r يباشرني وأنا حائض، ويدخل معي في لحاف وأنا حائض، ولكنه كان أملككم لإربه).
والمقصود من قولها: (يباشرني)، القُبْلَةَ والمُعَانَقَةَ ومَسَّ ثديها، وليست تعنى بكلمة (المباشرة) الجماع، بدليل حديث عائشة y أيضًا كما هو في مسند الإمام أحمد: (كان إذا كان كذلك - أي الحيض - من إحدانا، ائزرت الإزار الواسع، ثم التزمتْ رسول الله r بيديها ونحرها). وفي رواية للإمام النسائي ونورد ما أخرجه أحمد عن جميع بن عمير: (كان يأمرنا إذا حاضتْ إحدانا أن تأتزر بإزار واسع، ثم يلتزم صدرها وثدييها).
الألفاظ القرآنية فى المواضيع الجنسية
هذا وإذا انتقلنا إلى القرآن الكريم والأسلوب الراقى فى التعبير، فإنا نجده يذكر الحيض أربع مرات، ويذكر النكاح ثلاثًا وعشرين مرة، ويصرح بلفظة الزواج إسمًا أو فعلاً إحدى وثمانين مرة. ويذكر العملية الجنسيَّة بعبارات مختلفة، تؤدي كلها نفس المعنى الذي هو الجماع ولكن بتعبيرات راقية وألفاظ سامية لا تخدش الحياء ولا تستثير الغرائز، منها:
1) المباشرة، في قوله تعالى: } عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ { [187- البقرة].
2) الإتيان، في قوله تعالى: } نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ { [223- البقرة].
3) الإفضاء، في قوله تعالى: } وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا { [21- النساء].
4) الملامسة، في قوله تعالى: } أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ { [43- النساء].
5) التغشي، في قوله تعالى: } فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ { [189- الأعراف].
6) الحرث، في قوله تعالى: } نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ { [223- البقرة].
7) المس، في قوله تعالى: } وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ { [237- البقرة].
8) الرفث، في قوله تعالى: } أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ { [187- البقرة].
9) النكاح، في قوله تعالى: } فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ { [230- البقرة]
10) الاستمتاع، في قوله تعالى: } فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً { [24- النساء].
ولا أنسى أن أذكر هنا أن بعض علماء الأديان المقارنة أسلموا لما تكشف لهم رقى الألفاظ القرآنية المستعملة فى المواضيع الحساسة مقابل ألفاظ فجة وخادشة للحياء فى كتب أخرى (سماوية) غير القرآن.
أسباب عناية الإسلام بالتربية الجنسية
لقد كان اهتمام الإسلام بالتربية الجنسية، لأن العاطفة الجنسية مظهر إنساني يؤثر في سلوك الإنسان، فكان لا بد من أن يتناوله التهذيب مع عدم البعد عن الحقيقة، ولذلك فالسلبية المطلقة والرد على تساؤلات النشء عن هذه العاطفة بقولنا: (عيب .. لا يصح)، طريقة غير سليمة في إفهامهم هذه النواحي الجنسية الطبيعية.
وفي ذلك يقول الأستاذ أحمد عبد اللطيف بدر ]في كتابه (العاطفة الجنسية في ضوء الدين والعلم) ص 40[:
(ونحن نترك أبناءنا يتيهون فيما لا يشعرون به في دور البلوغ من اختلاف جسمي وعقلي ونفسي، ونتركهم للطبيعة، وانحرافهم راجع إلى إهمالهم وعدم اللباقة في وقوفهم على حقائق واضحة، فحين يجد الناشئ نفسه قد أفرز في حلمه وهولم يألف ذلك يخشى أن يصارح أباه في أمره، وكذلك البنت، ويتلقى كلاهما من المحيط الخارجي في صورة مشوهة ما يدور حول الناحية الجنسية وبذلك يكون الانحراف!! إن واجب كل أم أن تُعَرِّفَ ابنتها حقيقة العاطفة الجنسية من أنها شئ طبيعي يراد به حفظ النوع، ولها في الحيوان الأليف في البيت ما يذلل لها الصعوبة) انتهى.
ويقول أيضَا ]في ص 23 من نفس الكتاب[:
)وتربية الغريزة في دور البلوغ تحتاج إلى حسن القيادة وجمال التصرف، فإن محاصرة البالغين والبالغات، والأخذ بالعنف في تقبيح نداء الغريزة يولِّد شعورًا خفيًّا بأن المباشرة الجنسية شيئًا غريبًا مستكرهًا بعيدًا عن الإنسانية، وقد يضل كثير من الأبناء والبنات لعدم التوجيه السديد، وفي أوائل البلوغ تميل الأنثى إلى النوم كثيرًا، ويغرق الذكر في أحلامه، ويغيب عما حوله، ويريد التنفيس عما يلاقي من مظهر غريب عنه لم يألفه، وبخاصة حين يفرز في نومه المادة المنوية، ويخيل إليه أنه فريد في ظاهرته، فالواجب على الأم أن تعرِّف ابنتها كل ما يتصل بالحياة الجنسية في صراحة مع التحفظ وعدم التنزل والابتذال كما يفعل الكاتبون الذين يكشفون ليثيروا لا ليفيدوا(.
هذا إلى أن الجهل بالتربية الجنسية يؤدي إلى ارتكاب مخالفات شرعية يقع فيها المرء وهو يظن أنه على صواب مثل:
· قد يمس الرجل ذكره بباطن كفه، أو المرأة باطن فرجا فيبطل الوضوء من كل منهما وهما لا يشعران.
· كم من فتاة اغتسلت بعد الطهر من المحيض بدون رفع موانع الحيض، وبدون احترام لشرائط الغسل وفرائضه، إنما أفرغت الماء على نفسها مصحوبًا بعقاقير وعطر وشبهه، لأنها كانت تعتقد أن النية والشروط والفرائض تخص المتزوجات.
· وكم من ملامسات سطحية وقعت بعد مراكنة الخطيبين لبعضهما وقبل العقد الشرعي، وهما يحسبان أن الخطبة (بكسر الخاء) عقد. وقد أدت تلك الملامسات إلى حمل غير شرعي، والطب يثبت الحمل بمثل هذه الملامسات.
ولهذا يقول الدكتور عبد الرحمن طالب الجزائري ]في كتابه (التربية الجنسية في الإسلام) ص 213[:
)لقد دلت الدراسات عن المراهقين من الفتيان دلالة واضحة على أن فترة المراهقة هي فترة رغبات جنسية قوية. وقد ثبت أن ما يزيد على 95% من المراهقين الذكور في المجتمع الأمريكي يكونون فعالين جنسيًا حين بلوغهم الخامسة عشر من العمر. وفي هذا دليل على الحاجة الكبرى للتربية الجنسية. ذلك بأن المراهق بحاجة لمساعدته فيما خص مشكلاته الجنسية، وفي إمكان المدرسة والبيت أن يساعدا المراهق كثيرًا في هذا الخصوص( انتهى.
تربية الأطفال جنسياً
ويراعى فيها أن تواكب مراحل نموهم وتتلخص فيما يلي:
أولاً - ستر العورة:
فالمطلوب من الآباء أن يربوا أولادهم منذ الصغر على تغطية عوراتهم حتى ينشأوا على الحياء والحشمية. وعورة الصغار اختلف فيها رجال المذاهب:
فالشافعية شدَّدوا وجعلوا عورة الصغير ولو غير مميز كالرجل، ما بين السرة والركبة.
والمالكية خفَّفوا فجعلوا ابن ثماني سنوات لا عورة له، فجوَّزوا النظر إلى جميع بدنه، وتغسيله ميتًا، وكذا بنت ثلاث سنوات وثمانية أشهر لا عورة لها، ولكن بنت ثلاث سنوات لها عورة بالنسبة للمس، فليس للرجل أن يغسلها، أما بنت ست سنوات فهي كالمرأة.
أما الحنابلة والأحناف فإنهم توسَّطوا في قضية عورة الأطفال بالنسبة للنظر والصلاة.
ثانيًا - التفرقة بينهم في المضاجع:
فالشرع يطلب أن يفرق الأبوان بين أبنائهم وبناتهم في النوم إذا ما بلغوا عشر سنين، وذلك فيما رواه الإمامان الحاكم وأبو داود بسنديهما عن النبي r أنه قال: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع).
قال السيد عبد الله علوان معلقًا على هذا الحديث: (فيؤخذ من هذا النص أن الآباء والأمهات مأمورون شرعاً بأن يفرقوا بين أبنائهم في المضجع إذا بلغوا سن العاشرة مخافة إن اختلطوا في فراش - وهم في سن المراهقة أو ما يقاربها - أن يروا من عورات بعضهم البعض في حال النوم أو في اليقظة ما يثيرهم جنسيًا أو يفسدهم خلقيًا) انتهى.
وفي صحيح البخاري:
(أن النبي r أردف الفضل بن العباس t ما يوم النحر خلفه، وكان الفضل قد ناهز البلوغ، فطفق الفضل ينظر إلى امرأة وضيئة من خثعم، كانت تسأل النبي r عن أمور دينها، فأخذ النبي r بذقن الفضل، فحوَّل وَجْهَهُ عن النظر إليها). وفي رواية الإمام الترمذي: (أن العباس قال للرسول r : لويت عنق ابن عمك؟ فقال r : رأيت شاباً وشابة فلم آمن عليهما الفتنة).
وهذا الحديث وشبهه كثير في السنة، ويؤخذ منه اهتمام الرسول r بأخلاق المراهقين والشباب حتى يربوا وينشئوا تنشئة حسنة إسلامية.
ثالثًا - تعليم الأولاد أحكام المراهقة:
يدعو الإسلام المربين إلى مصارحة من هم تحت تربيتهم ووصايتهم، بكل ما له علاقة بالأحكام الشرعية المتصلة بالجنس، وعلاقات البلوغ مثل الحيضٌ، والإستحاضة والحملٌ، وخروجُ منيٍّ والمذى وإنبات شعر العانة، وبالطبع يبدأون بعلامات البلوغ وهي المشار إليها في المرشد المعين بقوله:
وكل تكليف بشرط العقل مع البلوغ بدم أو حمــل
أو بمنيّ أو بإنبات شـعر أو بثمان عشرة حولاً ظهر
رابعًا - تجنيب الأبناء الإثارات الجنسية:
وهذا باب فى غاية الأهمية فقد فتحت أبواب الإثارة الجنسية على مصراعيها فى هذا العصر ، ونذكر منها على سبيل الشهرة لا الحصر فمنها:
1. الأنترنت وموقع الإباحيات والخلاعة والفجور التى لاتعد ولا تحصى، ووسائل العرض المختلفة من أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة وغيرها من الأجهزة الصغيرة الحجم السهلة التدوال والمتطورة بما يشمل الوسائل الحديثة للتواصل الإجتماعى من التشات والمحدثة المصورة على الإنترنت حيث قلت التكلفة وانعدمت الرقابة وانفتحت السماوات.
2. أفلام الخلاعة التي تعرض في السينما أو على شاشة التليفزيون قادمة من الفضائيات وقنوات الأغانى والكليبات والتسويق وقنوات الفجور العلنى وتلك الأفلام التي تتكلم عن الجنس لا لغرض تربوي شرعي، وإنما للإثارة.
3. الصور العارية المصورة والمعروضة في أندية السياحة والأندية عموما ودور بيع الصحف وحتى على الأوراق البريدية وطوابعها.
4. الجرائد والمجلات التي تعرض الجمال الجسمي والألبسة الداخلية، والتى تظهر من خلالها المفاتن الجسدية، ناهيك عن المجلات الإباحية الجنسية المعروفة والمنتشرة وأيضاً المجلات الإجتماعية وأخبار الفن وغيرها.
5. الكتيبات التي ترسم الأعضاء التناسلية وتصورها، ووتشرح جميع الأفعال المخلة بالحياء والتى تشمل بعضها أيضا الشذوذ، والتي توجد بالمكتبات وحتى على الأرصفة وبالأكشاك، والتي تعرض أحيانًا جهرًا بلا خجل ولا حياء ، وطورًا في الظلام وفي الخفاء.
6. قصص وسلاسل المطبوعات وروايات الخلاعة التي تصور العشق والمجون، وتدعو للإثارة والرذيلة وترك القيم والآداب الإسلامية.
7. الاختلاط مع الأشرار المائعين المنحرفين من الجنسين الذين انتشروا فى كل حدب وصوب، وقد قال في ذلك الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكلُّ قَرِينٍ بالمقارن يقتــدي
8. الإحتكاك بالنساء لا سيما في المواصلات العامة، أو الحضور معهن في الحفلات المختلطة.
خامساً :تعليم أدب الدخول على النساء والإستئذان على الوالدين
والله تعالى قد أباح للطفل أن يحضر مع النساء فيما إذا لم يكن يفرق بين المرأة الجميلة والدميمة لقول الله تعالى: } أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء { [31- النور].
يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: (يعني لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن من كلامهن الرخيم، وتعطفهن في المشية، وحركاتهن وسكناتهن، فإذا كان الطفل صغيرًا لا يفهم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء، أما إذا كان مراهقًا أو قريبًا من المراهقين بحيث يعرف ذلك ويدريه، ويفرق بين الشوهاء والحسناء فلا يُمََكَّنْ من الدخول على النساء). وقد ثبت في الصحيحين عن سيدنا رسول الله r أنه قال: ( إياكم والدخول على النساء، قيل يا رسول الله، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ - أي قريب الزوج؟ قال: الحَمْوُ المَوْتُ ).
وهؤلاء الأطفال - وإن سمح لهم الشرع بالدخول على أهليهم، والدخول عليهم بدون استئذان - فإنه حذرهم وألزمهم الإستئذان حتى على الآباء في أوقات ثلاثة، فقال جلَّ شأنه: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم { [58- النور]. ففي هذه الأوقات الثلاثة لابد أن يستأذن الخدم والأطفال على آبائهم وأهليهم حتى لا تقع أعينهم على عورات مكشوفة.
والأوقات التي يجب الاستئذان فيها هي: حين يكون الناس عادة في لباس النوم، ووقت القيلولة حين يتخفف المرتاحون من الثياب الثقيلة الضيقة، وما بعد العشاء حين يتهيأ الرجال والنساء للنوم والاستراحة.
والاستئذان قبل الدخول هنا يتناول الذكور والإناث معاً، ويجب الاستئذان أيضًا على إناث الأطفال في العورات الثلاث، أما البالغات منهن ففي غير هذه الأوقات أيضًا، وهذا أمر بديهي.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق