مدونة مراقى الصالحين: انواع التصوف

الأحد، 26 فبراير 2012

انواع التصوف

1- التصوف النقي :
        وقال العلامة حسنين محمد مخلوف في تقديمه لكتاب (رسالة المسترشدين) للمحاسبي :"التصوف الإسلامي تربية علمية وعملية للنفوس ، وعلاج لأمراض القلوب ، وغرس للفضائل، واقتلاع للرذائل ، وقمع للشهوات ، وتدريب على الصبر والرضا والطاعات .
        وهو مجاهدة للنفوس ومكابدة لنزعاتها ، ومحاسبة دقيقة لها
على أعمالها وتروكها ، وحفظ للقلوب عن طوارق الغفلات وهواجس الخطرات ، وانقطاع عما يعوق السالك في سيره إلى الله، وزهادة في كل مايلهي عن ذكر الله ويعلق بالقلوب سواه .
        وهو معرفة لله ويقين ، وتوحيد لله وتمجيد ، وتوجه إلى الله وإقبال عليه وإعراض عما سواه، وعكوف على عبادته وطاعته ، ووقوف عند حدوده ، وتعبد بشريعته ، وتعرض لنفحاته وهباته التي يخص بها أولياءه وأحبابه فضلا منه وكرما .
وجملة القول فيه قبل تدوينه كفن إسلامي وبعده : أنه علم وحكمة ، وتبصرة وهداية ، وتربية وتهذيب، وعلاج ووقاية ، وتقوى واستقامة ، وصبر وجهاد، وفرار من فتنة الدنيا وزينتها وابتعاد.
        فالتصوف كما ترى : لب الشريعة وروحها ، وثمرتها وحكمتها . وقد قال سيد الطائفة الجنيد : علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة ، ومن لم يحفظ القرآن ، ولم يكتب الحديث لايقتدى به في هذا الأمر ، والطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفي أثر الرسول صلى الله عليه وسلم .
وقد اختص هذا النوع من العلم الشرعي في عصر التدوين - كما أشار إليه ابن خلدون في "مقدمته" - باسم (التصوف أو علم الحقيقة) ، كما اختص النوع الآخر منه الخاص بالأحكام الفرعية في العبادات والمعاملات باسم (الفقه أو علم الشريعة) .
2- التصوف المنتحل المبتدع :

        وهناك تصوف زائف انتحله قديما فئام من الناس ، أشربوا تعاليم الباطنية الحلولية ، وتدثروا بدثار الصوفية ، اجتذاباً للعامة ، وتغريراً وخداعاً وتلبيساً ، ودسوا في التصوف إلحادهم ومقالاتهم الشنيعة في الدين إضلالا للمسلمين ، هؤلاء ليسوا من الصوفية ولا التصوف في شيء ، وينكرهم كل الإنكار أولئك الأعلام الذين ذكرناهم وأضرابهم ، ويحسبونهم أدعياء في نسبه مزورين ، وزنادقة ملحدين .وقد كشف خبأهم ، وفند مزاعمهم ، وأبطل تصوفهم كثير من الأئمة.
        3- التصوف المنحرف المزوَّر :
وهناك آخرون انتسبوا إلى الصوفية زوراً ، واتخذوها سمة وحرفة ، وتوارثوا فيما بينهم بدعا وشعارات زائفة ، وتقاليد منكرة يبرأ منها التصوف وأعلامه من أولي العلم واليقين .
وهؤلاء كذلك أدعياء في التصوف ، دخلاء في الصوفية ، مبتدعون آثمون .
وإحقاقا للحق ، وإنصافا للصادقين : يجب أن لا يحملوا أوزار أولئك الأدعياء المبطلين ، وأن لا يطلق القول في ذم التصوف والصوفية ، بل يعطى كل فريق حقه من المدح أو الذم ، ومن الترغيب أو التحذير ، دون تعصب أو تحيف " (1) (انتهى). 
الطوائف المدسوسة في التصوف :

        نعم إن تلك الطوائف التي اندست بين القوم ، أو دست من أقوالها المشبوهة في كتبهم ومقولاتهم وأشعارهم حتى شوشت وشوهت على الخلص منهم ، لاينبغي أن تحول بيننا وبين إنصاف القوم ، وتحرير أقوالهم حتى نعرف سقيمها من صحيحها ، ونفيد منها ، ونعرف معروفها وننكر منكرها ، قال ابن تيمية: (وقد انتسبت إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة ، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم . أهـ)(2).
        إن أكثر نقاد التصوف، إنما عرفوا الصوفية من خلال الزبد الطافي على السطح، وغاب عنهم البحث في الأعماق، والتعرف على ما ينفع الناس ، وما ذلك إلا بسب تعصب الكثير منهم، وضيق أفقهم، وسطحية نظرتهم، وغاب عنهم أن "في كل ميدان من الميادين أدعياء، نجدهم في الميدان الديني، وفي الميدان السياسي، وفي الميدان العلمي، ونجدهم كذلك في ميدان التصوف" كما يقول الدكتور عبد الحليم محمود في تحقيقه لكتاب "المنقذ من الضلال" للغزالي(3)"وليس من الإنصاف أن تحمل على التصوف أوزار الأدعياء واللصقاء ، الذين يندسون في صفوفه نفاقا واحتيالا ، أو جهلا وفضولا ، فإنه ما من نحلة في القديم والحديث سلمت من أوزار اللصقاء الذين ينتمون اليها من غير أهلها .." كما يقول عباس محمود العقاد في كتابه "التفكير فريضة إسلامية" .
=====================================
(1) تفريظ العلامة الشيخ حسنين محمد مخلوف لرسالة المسترشدين بتحقيق الشيخ عبدالفتاح أبوغده رحمه الله تعالى 
ص23- 28 باختصار .
(2) مجموعة الفتاوي (ج11 - ص18)
(3) ص 267 وهذا ابن تيمية يحكم على كثير من أتباعه الذين لم يفرقوا بين الصالح والطالح.
دعوة للإنصاف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق