تتواصل الحضارات الانسانية في فكرها المتسلسل في حلقات تطورها ، ويفيد اللاحق فيها من السابق ، لا تشد عن ذلك حضارة ، ولا يخرج على هذه القاعدة فكر ، لكن هذه الإفادة تتوقف على طريقة قراءة أهل الحضارة لتراثهم ، فكلما كانت القراءة وفق منهاج لا يغفل الحقائق ، ولا يسقط ظروف الحاضر على الماضي فيحكم عليه وفق هذه الظروف ، إلى غير ذلك من ضوابط المنهاج
، ودقة تطبيقه ، كانت إمكانية توظيف هذا التراث للحاضر أيسر وأخصب ، والفكر الصوفي المنبثق من التجربة الصوفية لدى المسلمين جزء من تراثنا الإسلامي ، وقد مر بمراحل منذ نشأته وحتى يوم الناس هذا ، اعتورته فيها ظروف وحكمته عوامل ، لكنه أدى دوراً يمكن للمسلم المعاصر أن يفيد منه وأن يوظفه في إصلاح حاضره وتصور مستقبله ، لكن ذلك رهن بمنهاج القراءة لهذا التراث ، والهدف من الحكم عليه في مرحلة ما ، أو عند مدرسة ما ، ونحو ذلك .
وقد قرئ التصوف الإسلامي من البعض وفق منهاج منضبط فكانت نتيجة القراءة حكما اختلف بشكل واضح عن حكم آخرين - وهم كثرة - قرأوا التراث الصوفي بعيون ورؤوس غير منهجية ، أو على الأقل في هذه النقطة ، وترتب على هذا انعدام الإفادة من هذا التراث مع خصوبته وثرائه ، ومناسبته لحل كثير من مشكلات المسلم المعاصر .
ولابد من أجل تحقيق الفائدة من هذا التراث أن نلتزم عند قراءته بهذه الحقائق والمسلمات ، وأذكر الآن أهم تلك الضوابط المنهجية في قراءة وفهم التراث الصوفي الإسلامي .
الحقيقة الأولى : الحاجة إلى تنمية الطاقة الروحية لدى الإنسان
لم يعد أمر وجود الجانب الروحي في الإنسان موضع جدل ، بعد أن غدا حقيقة ثابتة تتلمسها في حوار الفلسفة التي اهتمت بدراسة طبيعة الإنسان مقارنة بطبيعة الحيوان ، لتصل إلى أن الإنسان بصفاته يفوق حجمه الطبيعي الحسي .
وقد ترتب على وجود هذه الحقيقة أن اهتمت مدارس التربية بالجانب الروحي في الإنسان وطالبت بأن يأخذ حقه في المناهج كما يعنى بالجانب العقلي والجانب الجسدي تماما بتمام .
الحقيقة الثانية : تصور الصوفية للشخصية المسلمة
من المقرر أن أخلاق الإسلام هي أساس بنائه بحيث إذا افتقرت أحكام الشريعة سواء في ذلك الأحكام الاعتقادية أو الأحكام الفقهية إلى الأساس الخلقي كانت صورة لا روح فيها ، وهيكلا فارغا من المضمون .
ولأن التصوف الإسلامي منبثق من الإسلام فقد حمل هذه الصفة وصارت الأخلاق أبرز مضامينه
الحقيقة الثالثة : الدور التاريخي للتصوف الإسلامي
ومما ينبغي الوعي به حين نقرأ التصوف الإسلامي أن ندرك ما ذا قدم الصوفية لمجتمعاتهم عبر مراحل التاريخ . وكيف اكتسبوا مكانة مرموقة بين الناس ، والأمر منطقي وفق مقاييس أصحاب الدراسات الاجتماعية حيث يقررون أن مكانة أي طائفة في مجتمعها إنما تتحدد بواسطة ما تقدمه وما تمتلكه من رموز الهيبة والتقدير .
الحقيقة الرابعة : أثر التصوف في العلماء والمصلحين
ولعل أقدم تأثير للتصوف في العلماء المحافظين الرواية التي تذكر أن الإمام أحمد بن حنبل ذهب مستخفيا ليسمع الحارث المحاسبي وهو بين أتباعه ، وبعد أن سمعه قال : ما أعلم أني رأيت مثل هؤلاء القوم ، ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل ، ومع هذا فلا أرى لك صحبتهم ، وروي أنه قال : لا أنكر من ذلك شيئاً .
، ودقة تطبيقه ، كانت إمكانية توظيف هذا التراث للحاضر أيسر وأخصب ، والفكر الصوفي المنبثق من التجربة الصوفية لدى المسلمين جزء من تراثنا الإسلامي ، وقد مر بمراحل منذ نشأته وحتى يوم الناس هذا ، اعتورته فيها ظروف وحكمته عوامل ، لكنه أدى دوراً يمكن للمسلم المعاصر أن يفيد منه وأن يوظفه في إصلاح حاضره وتصور مستقبله ، لكن ذلك رهن بمنهاج القراءة لهذا التراث ، والهدف من الحكم عليه في مرحلة ما ، أو عند مدرسة ما ، ونحو ذلك .
وقد قرئ التصوف الإسلامي من البعض وفق منهاج منضبط فكانت نتيجة القراءة حكما اختلف بشكل واضح عن حكم آخرين - وهم كثرة - قرأوا التراث الصوفي بعيون ورؤوس غير منهجية ، أو على الأقل في هذه النقطة ، وترتب على هذا انعدام الإفادة من هذا التراث مع خصوبته وثرائه ، ومناسبته لحل كثير من مشكلات المسلم المعاصر .
ولابد من أجل تحقيق الفائدة من هذا التراث أن نلتزم عند قراءته بهذه الحقائق والمسلمات ، وأذكر الآن أهم تلك الضوابط المنهجية في قراءة وفهم التراث الصوفي الإسلامي .
الحقيقة الأولى : الحاجة إلى تنمية الطاقة الروحية لدى الإنسان
لم يعد أمر وجود الجانب الروحي في الإنسان موضع جدل ، بعد أن غدا حقيقة ثابتة تتلمسها في حوار الفلسفة التي اهتمت بدراسة طبيعة الإنسان مقارنة بطبيعة الحيوان ، لتصل إلى أن الإنسان بصفاته يفوق حجمه الطبيعي الحسي .
وقد ترتب على وجود هذه الحقيقة أن اهتمت مدارس التربية بالجانب الروحي في الإنسان وطالبت بأن يأخذ حقه في المناهج كما يعنى بالجانب العقلي والجانب الجسدي تماما بتمام .
الحقيقة الثانية : تصور الصوفية للشخصية المسلمة
من المقرر أن أخلاق الإسلام هي أساس بنائه بحيث إذا افتقرت أحكام الشريعة سواء في ذلك الأحكام الاعتقادية أو الأحكام الفقهية إلى الأساس الخلقي كانت صورة لا روح فيها ، وهيكلا فارغا من المضمون .
ولأن التصوف الإسلامي منبثق من الإسلام فقد حمل هذه الصفة وصارت الأخلاق أبرز مضامينه
الحقيقة الثالثة : الدور التاريخي للتصوف الإسلامي
ومما ينبغي الوعي به حين نقرأ التصوف الإسلامي أن ندرك ما ذا قدم الصوفية لمجتمعاتهم عبر مراحل التاريخ . وكيف اكتسبوا مكانة مرموقة بين الناس ، والأمر منطقي وفق مقاييس أصحاب الدراسات الاجتماعية حيث يقررون أن مكانة أي طائفة في مجتمعها إنما تتحدد بواسطة ما تقدمه وما تمتلكه من رموز الهيبة والتقدير .
الحقيقة الرابعة : أثر التصوف في العلماء والمصلحين
ولعل أقدم تأثير للتصوف في العلماء المحافظين الرواية التي تذكر أن الإمام أحمد بن حنبل ذهب مستخفيا ليسمع الحارث المحاسبي وهو بين أتباعه ، وبعد أن سمعه قال : ما أعلم أني رأيت مثل هؤلاء القوم ، ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل ، ومع هذا فلا أرى لك صحبتهم ، وروي أنه قال : لا أنكر من ذلك شيئاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق