مدونة مراقى الصالحين: بشرى التوفيق

الأربعاء، 29 فبراير 2012

بشرى التوفيق




البشرى السابعة عشر
      بشرى التوفيق
هذه البشرى هى بشرى تثلج القلوب وتريح النفوس ودعونى أسألكم: لماذا اتَّبع الناس منذ عهد الحبيب الصالحين ؟ ذلك لأنهم حكماء فى كل أمورهم من قول وفعل وحال ومشورة والحكمة فضل من الله يمُن بها على من يشاء من عباده بفضله وجوده ورحمته ولذلك نجد الحكماء يُلخِّصون لنا الكثير من المعانى والقول فى القليل من اللفظ أو فى قليل من العمل أو الحال مما يَعْظم به الأجر ويُرفع به شأن العبد عند ربه بهذا القليل الذى قدَّمه لمولاه والسر فى بشرى التوفيق قال حبيبى وقرة عينى{قَلِيلُ التَّوْفِيقِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْعَقْلِ}[1] ولكى نفهم سر هذه البشرى أقول لكم ياهناء وسعد من رزق التوفيق فربما يُحصِّل المرء أمثال الجبال من العقل أى العلم لكنه لا يُوفَق للعمل ببعضها فلا ينال فى الدنيا ما يرجوه ولا فى الآخرة ما يتمناه عند مولاه جل فى علاه وربما يُحصِّل المرء حكمة واحدة ويوفقه الموفق للعمل بها فينال بسببها بركات الدنيا وسعادة الآخرة والمقام العظيم الذى يهواه ويتمناه فؤاده عند مولاه ولذلك اتبع الناس الصالحين والحكماء الربانيين من أجل هذا المراد فقد اختصر الله لهم الكلام اختصاراً واختصر لهم الفعال واختصر لهم الأحوال اقتداءاً بسيدنا رسول الله سيد أهل الكمال حيث قال{أُوتِيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ وخَواتِمَهُ واخْتُصِرَ لي اخْتِصَاراً}[2] ودليل آخر لأهل اليقين الذين يريد الله لهم الرسوخ والتمكين لهم فى المقام الأمين وهو “التوفيـــق” أن يرزقهم الله ويجعل حظهم بين أهل عنايته التوفيق وذاك قليل حتى للكُمَّل من أهل الطريق فإن أهل مقام التوفيق فى كل زمان ومكان قلَّ ونُدْرٌ لأن الله لم يذكر التوفيق إلا مرة واحدة فى كتابه وعلى لسان نبى من أحبابه{وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}فالتوفيق بالله فالعبد الذى فنى عن نفسه وأحياه به ربه فدخل فى قول الله{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ}فتولاه مولاه فأصبح هو الذى يحرِّكه ويُسَكنه وهو الذى ينطق على لسانه ويحرك أعضاءه ويده وبنانه وهو الذى يتولاه فى كل شئونه فيوفقه الله فى كل الأمور فإذا نظر فى الحاضرين معه أو حدثهم اسمع ماذا يقول فيه الحبيب{احذَرُوا فِرَاسَةَ الـمؤمِنِ فـإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ الله وَيَنْطِقُ بِتَوْفِـيقِ الله}[3]فينطق بالكلام الذى يصادف ما فى القلوب فيقول بعض من فى المجلس كأن المتحدث عرف ما فى نفسى فهو عبدٌ موفقٌ تولاه الله بتوفيقه فى نطقه ونظره وإشارته ومشورته والله تعالى يكرمه بهذا وأكثر تأييداً له منه وولاية له منه ورعاية له منه جلَّ فى علاه فمن حظى بنور تلك البشرى وبركاتها وأسرارها يصير فى مقام التوفيق فلا يقطع أمراً إلا ويوفقه الموفق ولا يُصدر قولاً إلا وفيه الصلاح والنجاح والفلاح ولا يُستشار فيشير إلا ويشير بما فيه النفع فى الدنيا والآخرة لأن الله تولاه بتوفيقه وذلك أعلى التأييد من الحميد المجيد لمن اصطفاهم الله وهداهم فى هذه الحياة، ولذلك عندما ارتقى نفر من أصحاب رسول الله إلى هذا المقام قال فيهم{حُكَمَاء عُلَمَاءُ كادُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِـيَاء}[4]ولبهاء الدين الرواس قصيدة من شعر الرجز يقول فيها فى بيان التوفيق من الله فى الفعل وإجابة الدعاء وإصابة الأفعال أسماها: واللـه لولا اللـه ما اهتدينا :
واللـه لولا اللـه ما اهتدينا ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا
فأنزلن سكينةً علينا وثبِّت الأقدام إن لاقينا
يا ربَّنا يا واهب العناية يا رازق التوفيق مع العناية
من برِّك التوفيق والـهدايه فأوصلن منك الـهدى إلينا
إجابة الدعاء يا ستار شأنك للداعين يا غفار
بذا أتي الآيات والأخبار ونحن عن محمَّدٍ روينا
يا ربنا ندعوك بالقرآن وبالنبي الطاهر العدنان
عمِّر لنا القلوب بالإيمان حتى نقرَّ بالقبول عينا 

والأمثلة لا تنتهى فى بشريات التوفيق فى الدعاء وتحقيق الآمال وإجابة الرجاء
من خالق الأرض والسماء ومن أكرم وفق للدعاء فلا يحتاج إلى مزيد العناء قيل:
وقد صح أن اللَه في كل ليلةٍ إذا ما بقي ثلث من اللَيل ينزل
إلى ذي السما الدنيا ينادي عباده إلى أن يكون الفجر في الأفق يشعلّ
يناديهم هل تائب من ذنوبه فاني لغفار لـها متقبل
وهل منكم داعٍ وهل سائل لنا فاني أجيب السائلين وأجزل
وقد فطر اللَه العظيم عباده على أنه من فوقهم فلـهم سلوا
لـهذا تراهم يرفعون أكفهم إذا اجتهدوا عند الدعاء ويفعلوا
أقروا بهذا الاعتقاد جبلـه ودانوا به ما لم يصدوا ويخذلوا
على ذا مضى الـهادي النبي وأتباعه خير القرون وأفضل

البشرى الثامنة عشر بشرى الإخلاصأما هذه البشرى فبشرى السرِّ الذى به يصير لكل عمل شأن وقدر مهما صغر فى عين صاحبه! ولكنه بهذا السر يعظم عند الله شأنه وقدره إنه الإخلاص تحتاج القلوب للإصلاح وإصلاح القلوب هو أول جهاد يجاهد فيه العبد والتوفيق الذى ذكرنا من الله لهذا العبد إذا كان محبوباً أن يوفقه لأول خطوة فى الطريق فيصلح قلبه وعندها يصير عمله خالصاً لوجهه الكريم ويصبح من أصحاب البشرى وهى التى زود بها رسول الله سيدنا معاذ بن جبل لما أرسله لليمن فقال له سيدنا معاذ: أوصنى يارسول الله فأجابه موصياً ومبشراً له ولنا على مرِّ الزمان{ أَخْلِصْ دِينَكَ يَكْفِكَ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَمَلِ}[5]ويؤكد على أهمية الإخلاص ويبشر أصحابه بالفلاح والخلاص فيقول أيضاً{ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَخْلَصَ قَلْبَهُ لِلإيمَانِ}[6]ولذا أكثر العلماء من تكرارهم لحديث النبى والذى فيه المقياس لكل عبد أحبَّ أن يكون من الخواص أو أراد أن يرى أين هو بين الله والناس فقال{مَا أَخْلَصَ عَبْدٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا إِلاَّ ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ}[7] فهؤلاء المخلصون أصحاب هذه البشرى العالية الراقية هم من القوم الذين عناهم الله تعالى وقال فيهم الله لحبيبه ومصطفاه{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} لا يريدون دنيا ولا خلقاً ولا رياءاً ولا سمعة ولا يريدون لا أجراً ولا جنَّة ولا ثواباً وإنما يريدون وجه الله أخلصوا قلوبهم ومقاصدهم فلا يبغون من العمل إلا رضاه جلَّ فى علاه، وهذه مرتبة عليا وهى التى إذا وقف الإنسان على عتبتها المقدسة يكفيه قليل العمل وعندها يمن الله عليه صاحب القلب المخلص ويشهده من فتح الله ومن عطاءات الله ومن إكرامات الله ما لا عدَّ له ولا حدَّ له ويدخل فى قول الله{لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ}{لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}أى لهم زيادة عن النعيم المقيم فى جنَّة القرب والتكريم عند العزيز الحكيم فهذه البشرى يا إخوانى هى الأصل الأول الذى عليه المعول لمن أراد إصلاح أحواله فى دنياه ورفعة شأنه عند الله وأن يكون من أهل الدرجات العلى وأن يحظى بمقامات الفتح ثم الإخلاص فيه ومما قال الصالحون فى سر الإخلاص ننتقى شعراً للإمام الصنعانى يقول:
فما سوى طاعته من مطلب فاحرص عليها فهي خير مكسب
والأصل إخلاص الفتى للنية بقصده لوجه رب العزة
فكل من أخلص في أعمالـه نال الذي يرجوه في مآلـه
ينزل حقاً في جوار المصطفى وحسبنا اللّه بهذا وكفى
صلى عليه اللّه كل ساعة ولا حرمنا الفوز بالشفاعة
وآلـه وارض ما عشت على أصحابه ذوي التقى والنبلا

ومن أجمل ما نظم فى فضل الإخلاص قول الإمام الشوكانى:
وَمَنْ أَخْلَصَ الأَعْمالَ للـهِ لم يُبَلْ وإنْ أَرْعَدَ الأَعْدا عَلَيْهِ وأَبْرَقوا
وَمَنْ كانَ مَطْوِيّاً على الْغِشِّ قَلْبُهُ يُراعُ لأَدْنَى ما يُقالُ وَيَفْرَقُ

البشرى التاسعة عشر بشرى مودَّة قربى الحبيب 
كلنا ليس فى حاجة إلى من يذكره بحبِّ رسول الله وآل بيته الأطهار لأن هذا محفورٌ فى قلوبنا وواضح لنا وضوح الشمس ولكن البشرى التى أريد أن أتحفكم بها هنا أبدأها بسؤال؟ ثم تكون البشرى هى الجواب أما سؤالى لكم فهو : كيف يستطيع أحدنا أن يوفِّى رسول الله شيئاً من حقه علينا لما قام به نحونا ماذا نملك له لنثيبه على ما أدَّاه لنا أجمعين والجواب : لا شيىء ولا حتى ذرة نستطيع أن نوفيه حقه علينا فنحن لا نملك إلا الدعاء له والصلاة عليه وما هى إلا طلبات نطلبها من الله له فنقول : يارب إعطه كذا وصله بكذا عدد كذا وكذا فهل فعلنا شيئاً إلا السؤال وهذا الدعاء وتلك الصلاة يثيبنا الله عليها الأجر والفضل العظيم فنحن المستفيدون والله هو الفاعل فماذا أدينا نحن بأنفسنا نحوه؟هل وعينا السؤال؟ورأينا مأزق الإجابة وهنا تأتى البشرى التى يفتح لنا الله فيها باباً ندخل منه لنحاول أن نردَّ له قدراً ضئيلاً من أفضاله علينا نردُّه له فى قرابته وعترته لأن كلَّ مسلم يتخيل ويقول آهٍ لو كان حبيبى حيّاً اليوم لقمت له بكذا وكذا فيقول لنا الحق: أبشروا لا عليكم هاكم عترته وقرابته فأرونى حبكم له فى مودتكم لهم وحبكم إياهم تكونوا قدمتم شيئاً مما ترغبون للحبيب فيقول الله لنا فى تلك البشري على لسانه الشريف{قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}فلكى يكونوا من أهل هذه البشرى عند الله الذين يريدون أن يظهروا حبهم لرسول الله فعليهم أن يحرصوا على محبة آل بيته الأطهار وعترته الأخيار فى كل البلاد والأمصار ومحبة كل من ينتسب إلى الحبيب أو يلوذ به وآله وأصحابه والصالحين المقتدين بهديه والمحبين له والعاشقين له وليحبونهم حبَّاً أعلى من حبِّهم لأهلهم وأبائهم فالقربى فى الآية كما أشار العلماء أهل العناية تعنى ذوى رحمه أو ذوى قرباه أى المقرَّبون من حضرته فتشمل ذوى القربى جسمانياً الصادقين فى اتباعهم لحضرته أو ذوى قرباه روحانياً ونورانياً وهؤلاء أعلى فى الرتبة والفضل أو ذوى قرباه روحانياً وجسمانياً وهؤلاء أهل الكمال ولذا قال معلماً الأمة {أَدبُوا أَوْلاَدَكُمْ عَلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ حُب نَبِيكُمْ وَحُب أَهْلِ بَيْتِهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ}[8] ولبهاء الدين الرواس فى مودتهم وحبهم قصيدة تقول:
أحباب قلبي والمحبَّةُ دينها يصيِّرُ مرَّ الوجد في أهلـه عذبا
روينا لكم في محكم النصِّ آيةً تزيدُ المحبَّ المستهام بكم عجبا
وهل سأل المختار أجراً على الـهدى لأُمَّته إلا المودَّة في القربى
ألا يا مثير العيس ينحو واسطا ويقلق في تلوين انَّته الركبا
إذا ما وصلت الحيُّ فاهدأ وخذ بها نقيلاً وخلِّ الخفَّ وانتعل الدربا

البشرى العشرون بشرى فضل الإصلاح والتأليف بين الإخوان مع مدارة الخلق
وهى من عيون البشريات التى لا يتنبه إليها الكثيرون من المسلمين إذ قال الحبيب المصطفى ليشجع المسلمين على حلِّ خلافاتهم ورأب صدع علاقاتهم{ليسَ بالكَاذِبِ مَنْ أَصْلَحَ بينَ الناسِ فقالَ خيراً أَوْ نَمَى خيراً}[9]{رَأسُ العَقْلِ بَعْدَ الإِيمانِ بالله مُدارَاةُ النَّاسِ وأهْلُ المَعْرُوف في الدَّنْيا أهْلُ المَعْرُوفِ في الآخِرَةِ}[10]فلكى ندخل للبشرى فلابد أن نفهم أنه من أول أسس السلوك لملك الملوك أن يحرص السالك فى جهاده لنفسه على أن يكون دائماً بلسماً شافياً لجراح إخوانه فيشفى الصدور من الأحقاد وينزع من النفوس الغلَّ لا يرتاح إذا وجد متخاصمين إلا إذا أصلحهما لا يسكن ليله أو نهاره إذا وجد خلافاً بين أخين إلا إذا ألَّف بينهما لماذا؟لأن رسالة المحبين التأليف بين قلوب المحبين وهذا يحتاج لكثير من العقل والحديث والمداراة والتفاهم والحرص على التأليف والتحبيب ونزع فتيل الأزمة باللسان والعقل الجميل واسمعوا لقوله تعالى فى كتابه الكريم
{إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}وظيفة من هذه؟وظيفة رسول الله وورثته وأحبابه والماشين على نهجه والوظيفة المخالفة وظيفة من؟إبليس فهو يسعى للتلبيس بين الإخوان وللإيقاع بينهم وإلى إيجاد الشحناء فى نفوسهم وإيجاد البغضاء فى صدورهم فوظيفتنا التأليف بين قلوب المؤمنين والحرص على المودة بين السالكين فبشرانا هنا أنك تتوظف فى وظيفة الرسل والأنبياء و تتشبه بسيد الخلق من مدحه مولاه بأنه النعمة التى جعلهم الله تعالى بفضلها إخوانا فيجب على كل مسلم أن يستفيد من تلك البشرى كيف؟يعقل الحديث إذا لزم نقله فيخرج منه الهنات التى تؤدى إلى التشاحن والبغضاء وزيادة الفرقة بين الخلان والإشقاء ويضع النية ويعزم الطوية على التقريب بين إخوانه وحسن نقل الأخبار من بينهم لتزول العكارات من علاقاتهم وتصفو نفوسهم وليهنأ فاعل هذا بأن رسول الله ينفى عنه صفة الكذاب ويلحقه بأهل الصدق والأحباب ويصير فاعلاً لوظيفة من وظائف النبى الواردة فى صريح الكتاب فهذه من أعظم البضاعات التى نتقرب بها إلى الله وتحتاج إلى جهاد عظيم فى أطوار السالكين كيف ذلك؟ لأن النفس دائماً تحاول أن تُخرج المرء من طور السلوك بتزيين الغيبة والنميمة والإيقاع بين المؤمنين وتتبع عورات إخوانه المؤمنين والعلماء فكل من رأيته يتتبع سقطات إخوانه فاعلم أنه ساقطٌ من عين الله وكلما تذكر له أخاً تجده يسارع فيذكر مساوءه وعيوبه وكما يقول الحكيم :
وستراً لعورات الأحبة كلهم وعفواً عن الزلات فالعفو أرفق
وكل الأحباب و الإخوان فى رعايتهم لأنفسهم ولبعضهم وحرصهم على كل واحد فكلهم أشبه الناس بالسلف الصالح وأساس تعاملاتهم مع بعضهم هى قول النبى{الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمِّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعَفِهِمْ وَمُسْرِعُهُمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ}[11]هل رأيتم إذاً كيف يصبح المسلمون وحدة واحدة متكافئة متكاتفة متفاعلة ومتحققة بذلك فمن يقدر علينا من أعدائنا إذا كنا كذلك؟قال القائل الحكيم فى مقام المصلحين بين الخلان وسبيل التوفيق بين الإخوان:
خيرُ الأَنَامِ سادتهم وفاضِلُهم المصلحون ولا تَستَثْني لى أَحَداً
مِنْ أَصْلَحَ الحالَ منهم بعدمَا فَسَدتْ هوت عروش قومٍ إذ حالهم فَسَدا
من أيقظوا العقل فيهم بَعْد رَقْدَتِه وأحيوا شعار الحب بعدما كسدا
وردَوا عنهم شياطِيناً وقد مَردَت تقطِّع حبال الود وتمنع الرشدا
فمشى بلسان الصلح حسَّنه وألبسه ثوب المدارة ما كذب من اجتهدا
وألقى بذور الود فيهم وأرواها حلو اللسان فشوك القوم منحصدا

وقال الرجل الآخر فى وصف الفرقة وأثرها واسلوب جمع الشمل:
مزقتم شمل هذا الجمع بينكم كل لـه عصبة أهل وخلان
وكلكم قد رقى في نسج حجته مراقياً ما رقاها قبل خوان
فما الإِمام ملام في رعيته بل الجميع سواء فيه أعوان
فقدموا العدل والإِنصاف في ظُلًم قد طال منكم لـها قهر وعدوان
ثم أصلحوا بعد هذا ذات بينكم تفلحوا وانصحوا من خين أو خانوا
تصبحوا قوةً بعد أعواد مفرقة أيدي سبا ما لـها وزن وأبدان
إذا اجتمعتم لإصلاح شأنكم فلا جنٌ عليكم يقوى لا حىٌ وإنسان
واجمعوا شريداً فإن يرجع فذلكم وداروا أولى عجز الفهم ما بانوا
فهيا بنا أُخيَّة للإصلاح قد راحت الفرقة بما صنعوا وما زانوا
 http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175
[1] رواه ابن عساكر عن أبى الدرداء برواية ” قَلِيلُ التَّوْفِيقِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْعَقْلِ “
[2] رواه أبو يعلى عن عمر بن الخطاب.
[3] (ابن جرير) عن ثوبـان ، الفتح الكبير
[4] زاد المعاد فى هدى خير العباد لإبن القيم الجوزية
[5] ابن أبى الدنيا فى الإخلاص.
[6] عَنْ أَبِي ذَرٍّ رواه أحمد والبيهقي وتمامه{وَجَعَلَ قَلْبَهُ سَلِيماً، وَلِسَانَهُ صَادِقاً، وَنَفْسَهُ مُطْمَئِنَّةً، وَخَلِيقَتَهُ مُسْتَقِيمَةً وَجَعَلَ أُذُنَهُ مُسْتَمِعَةً وَعَيْنَهُ نَاظِرَةً فَأَمَّا الأُذُنُ فَقَمْعٌ وَالْعَيْنُ مَقَرَّةٌ بِمَا يُوعِي الْقَلْبُ، وَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ جَعَلَ قَلْبَهُ وَاعِياً }.
[7] مصنف ابن أبي شيبة عن سيدنا مكحول
[8] الشيرازي في فَوَائِدِهِ وللديلمي في مسند الفردوس وابنُ النَّجَّارِ عن عَلِيٍّ جامع المسانيد والمراسيل
[9] أخرجه مسلم في الصحيح من حديثِ ابنِ عُلَيَّةَ عن مَعْمَرٍ، سنن الكبرى للبيهقي
[10] (ابن أبي الدنيا في قضاءِ الحوائج) عن ابن المسيب مرسلاً الفتح الكبير ومجمع المسانيد والمراسيل.
[11] سنن أبى داوود عن عمرو بن شعيب.
http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق