الذي يدرك شهر رمضان، ويوفقه الرحمن عزَّ وجل لحضور أيام شهر رمضان، عليه أن يستحضر في نفسه، وعليه أن ينوي في قلبه، وعليه أن يجهز في سريرته - من الآن - لماذا يصوم شهر رمضان؟ فإذا كان يصومه للعادة المرعية - كما يصوم الناس - ولم يحدد لنفسه وجهة عند رب الناس، فليس له أجر ولا ثواب عند الله عزَّ وجل، لقوله صلى الله عليه وسلم:
(إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات، وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى).ومن يصومه خوفاً مِنْ لوم مَنْ حوله،
ويتمنى في نفسه أن يذهب إلى مكان بعيد فيفطر فيه، هذا يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيه: (رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ)لأنه يصوم عن غير اقتناع، وعن غير رضا بأمر الله، وعن غير محبة لتنفيذ شرع الله، والله عزَّ وجل لا يعطى الثواب إلا لمَنْ عمل العمل خالصاً ابتغاء وجهه عزَّ وجل:(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (110-الكهف)إذاً ماذا يفعل المسلم؟ ينوى من الآن أن يصوم شهر رمضان لينال في نهايته شهادة بالغفران من الحنان المنان عزَّ وجل. فينوى الصيام لطلب المغفرة، وينوى الصيام لمحو ذنوبه، وستر عيوبه، وتكفير سيئاته، وزيادة حسناته عند الله عزَّ وجل. وهذا هو الذي أخذ بوجه من قوله سبحانه في بيان حكمة الصيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (183البقرة)لكي تأخذ نصيباً من ميراث التقوى، وينالك فضل من عطاء الأتقياء من الله عزَّ وجل، وأقل نصيب للأتقياء، وأدنى حظ للمسلمين والمؤمنين من عند الكريم عزَّ وجل، يقول فيه صلى الله عليه وسلم:{فَإذَا بَرَزُوا إلَى مُصَلاَّهُمْ يَقُولُ اللَّهُ عزَّ وجل لِلْمَلاَئِكَةِ: مَا جَزَاءُ الأَجِيرِ إذَا عَمِلَ عَمَلَهُ؟ قَالَ: فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ: إلهَنَا وَسَيِّدَنَا، جَزَاؤُهُ أَنْ تُوَفِّيَهُ أَجْرَهُ. قَالَ: فَيَقُولُ: فَإنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَلاَئِكَتِي أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ ثَوَابَهُمْ مِنْ صِيَامِهِمْ شَهْرَ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِمْ رِضَايَ وَمَغْفِرَتِي، وَيَقُولُ: يَا عِبَادِي سَلُونِي فَوَعِزَّتِي وَجَلاَلِي لاَ تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ شَيْئاً فِي جَمْعِكُمْ لآِخِرَتِكُمْ إلاَّ أَعْطَيْتُكُمْ وَلاَ لِدُنْيَاكُمْ إلاَّ نَظَرْتُ لَكُمْ}{4}.فينصرفون من بين يدى الله عزَّ وجل وقد غفر لهم ذنوبهم، وأصبحوا بين يديه - كما يحب - تائبين طاهرين، أنقياء أبرياء،
(موقع فضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد )
شاهد الفيديو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق